في أجواء يوم القدس العالمي واستنكاراً للانتهاكات الصهيونية المتصاعدة في القدس والضفة الغربية، ومواكبة لصمود الشعب الفلسطيني في دفاعه عن الأقصى المبارك وفلسطين وبمشاركة شخصيات وطنية بارزة، نسّقت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين لقاء “نداء القدس”، والذي انعقد الأحد (9/4/2023)، في جلستين متزامنتين في القدس والضفة.

تمحورت مداخلات الشخصيات الفلسطينية حول أهمية الوحدة الداخلية لا سيّما في مواجهة التهديديات القائمة والمُستجِدّة من حكومة الاحتلال المُتَطرّفة داعين ليكون المسجد الأقصى المبارك على سلّم أولويّات الأمتين العربية والإسلامية والعالم.

فقد أكّد الأديب والأسير المحرر الأستاذ وليد الهودلي على أن الجميع مُوحّدين خلف القدس ومناصرين لقضيّتها حيث باتت “القضية الفلسطينية قضية كل إنسان حر في العالم”.

فيما اعتبر الكاتب والصحفي المقدسي الأستاذ راسم عبيدات أن “المشروع الصهيوني في طريقه للانهيار وجيش الاحتلال بدأ بالتقزّم والتفكك”، مؤكداً أننا “نسير في الطريق الصحيح والمعركة القادمة معركة فاصلة وشمولية، نتنياهو يدرك تماماً أنه سيكون هناك رد قاس سيجرّ كل المنطقة وكل الساحات لتوحد القضية بعنوان القدس، فهو لا يريد أن يتورط في حرب شاملة”.

أمّا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس المطران عطا لله حنا، فقد وجّه نداء القدس “إلى كل المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية على ضرورة أن تتظافر الجهود دفاعاً عن أنبل قضية عرفها التاريخ”. فهذا ” الشعب يستحق الحرية والكرامة، هذا الشعب يحق له أن يعيش في ظل دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس”.

وتقاطع عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس الدكتور محمد جاد الله، مع المطران حنّا بالدعوة لكل أحرار العالم العربي “الذي يشكل ستين مرة أكبر من اليهود الموجودين على أرض فلسطين التاريخية” مُذكّراً بمجزرة دير ياسين وباقي الشهداء، لافتاً إلى أنّ ” الشعب الفلسطيني شعب مبدع وشعب خلّاق” وقادر على صد الاحتلال وغطرسته.

وتأكيداً على أنّ “شرعية الأرض وشرعية الوطن أعلى من أي شرعية”، وجّه عضو المجلس الثوري لحركة فتح الأستاذ أحمد غنيم، نداءًا للغرب وأميركا أنّ ” كل المحاولات لمد نفوذ السلطات الاستعمارية قد ولّى زمنها، وبدأت تتشكل المنطقة من جديد”.

وهذا ما اعتبره عضو اللجنة المركزية في حركة فتح الأستاذ زكي، يصب في صالح الفلسطينيين وحرّيتهم شرط أن “يحققوا ترتيب بيتهم الداخلي ويكونوا على مستوى القضية”. فيما شدّد عضو مجلس بلدية رام الله سابقاً الأستاذ عمر عساف، على أنّ ” إن صرخة وامعتصماه الفلسطينية لابد أن تجد آذاناً صاغية ولابد أن تجد معتصماً، وكثير من الأحرار في العالم هم هؤلاء المتعصم”.

وفي ختام اللقاء، صدر بيان باسم المجتمعين تلاه الأستاذ عمر عساف، وهذا نصّه:

منْ فلسطينَ الأرضِ غيرِ القابلةِ للتجزؤِ والمساومة.

وباسمِ شعبها الذي مضى عليهِ أكثرُ منْ قرنٍ وهوَ يدفعُ ثمنَ المشاريعِ الاستعماريةِ.

منْ القدسِ الشريفِ قبلتِنا الموحدةِ وعاصمةِ كلِ فلسطينَ.

ومنْ الضفةِ العزيزةِ الباسلةِ، درعِ القدسِ وحصنِها المنيعِ…

نرفعُ هذا الصوتَ ما بينَ كنيسةِ القيامةِ والمسجدِ الأقصى.

إنهُ نداءُ القدسِ، ممنْ يؤمنُ بالقدسِ، ويدافعُ عنْ هويتها ورسالتها التي تحملُ الخيرَ والهدى والمحبةَ لكلِ الإنسانيةِ.

يا أحرارَ العالمِ ويا أبناءَ أمتنا

في شهرِ رمضانَ وفي حرمِ يومِ القدسِ العالميِ نخاطبكمْ:

إنَّ القدسَ تواجهُ اليومَ حرباً غيرَ مسبوقةٍ، تجري ضدَّها على كلِ الجبهاتِ،

منْ تهجيرٍ لأهلها، واستيطانٍ يقضي على طبيعتها السكانيةِ، وتدميرٍ لهويتها ومعالمها الحضاريةِ.

وما ترَوْنهُ في المسجدِ الأقصى وما حولَهُ مِنْ استباحةٍ للدماءِ والأعراضِ والمقدساتِ، وانتهاكٍ لجميعِ الحرماتِ والقوانينِ والحقوقِ، هوَ المقدمةُ التي يسعى الاحتلالُ الصهيونيُ لتكريسها، عبرَ فرضِ وجودهِ في المسجدِ الأقصى،

ولنْ يتوقفَ بعدَها دونَ تدميرِ المسجدِ الأقصى وإقامةِ الهيكلِ المزعومِ عليهِ، وتحويلَ القدسِ الشريفِ إلى مدينةٍ يهوديةٍ لا مكانَ لأهلها وأصحابِ الحقِ فيها،

وإعلانِ الانتصارِ النهائيِ للمشروعِ الصهيونيِ العنصريِ البغيضِ.

إنَ العالمَ الساكتَ عنْ هذهِ الجريمةِ الشنعاءِ المرتَكبةِ بحقِ شعبِنا وأمتنا، هوَ عالمٌ متواطئٌ وشريكٌ أساسيٌ في الإبادةِ التي نتعرضُ لها،

والتي تستباحُ فيها دماءُ شبابِنا يومياً بلا رادعٍ ولا محاسبةٍ،

وتُهدَرُ أعمارُ خِيرةِ أبنائِنا في السجونِ والمعتقلاتِ الصهيونيةِ،

ويموتُ أطفالُنا ومرضانا منَ الحصارِ والحرمانِ منْ أبسطِ الحقوقِ في الغذاءِ والدواءِ والصحةِ والأمانِ.

فهلْ يُجدي أنْ نناديَ العالمَ كلَّهُ، لِنُعيدَ التأكيدَ على أنَّ العدالةَ وحقوقَ الإنسانِ والأمنَ والسلامَ،

وكلَ القيمِ التي تتطلعُ إليها الإنسانيةُ الرشيدةُ،

لا يمكنُ أنْ تستقرَ في الأرضِ ما دامتِ القدسُ رهنَ الاحتلالِ، وما دامَ أهلُها تحتَ سطوةِ الإرهابِ، وما دامتْ الصهيونيةُ العنصريةُ هيَ المفروضةُ على هذهِ الأرضِ المظلومةِ.

أمْ ننادي المطبعينَ والمهرولينَ إلى أحضانِ هذا الكيانِ المجرمِ، لكيْ يفكروا مرةً أخرى في هذهِ الخطيئةِ التي يرتكبونَ،

وأنْ يعاينوا بأنفسهمْ حصادَ هذهِ الاتفاقياتِ التي لنْ تجديَ لهمْ سلاماً ولا نماءً.

 

يا أبناءَ أمَّتنا ويا أيها المؤمنونَ بعدالةِ قضيتنا:

نداؤنا الأساسيُ نرفعهُ إليكمْ وإلى كلِ حرٍ وشريفٍ منْ كلِ جنسٍ ولونٍ وعقيدةٍ في كلِ الأرضِ؛ لنشكرَ كل منْ يتضامنُ معنا، ونقولَ لهمْ:

إنَ موقفَكمْ يدعمُ صمودَنا، فانْقلوا للناسِ حقيقةَ ما يجري في القدسِ، وعلموا أبناءكمْ أنَ هذهِ الأرضِ اسمُها فلسطينَ، وأكدوا لهمْ أنا لسنا ضعافاً، وأنَ الحقَ الثابتَ سيعودُ إلى أهلهِ، ولنْ يطولَ الزمانُ لتحقيقِ ذلكَ بإذنِ اللهِ.

وإلى المحتلِ الصهيونيِ المجرمِ نقولُ:

إنَ خيارَ تصعيدِ القتلِ والإرهابِ ضدَّ شعبنا لنْ يجديَ أبداً، ولنْ تكونَ نتيجتُهُ خيراً لكَ منْ نتيجةِ عقودِ البطشِ ومئاتِ المجازرِ التي ارتكبتَها بحقِ أبناءِ شعبنا.

وها أنتَ ترى فشلَ إجراءاتِكَ التهويديةِ وأساليبِكَ القمعيةِ التي لجأتَ إليها على مدارِ عقودٍ حيالِ أهلنا في الضفةِ الغربيةِ؛

فلمْ يثمرْ ذلكَ كلهُ إلا أجيالاً أعظمَ وعياً، وأكثرَ شجاعةٍ، وأشدَّ تمسكا بالحقوقِ، وأسرعَ إقداماً في مواجهتكَ، وأجَلَّ حُبّاً لفلسطين، وأجْودَ تضحيةً في سبيلِ تحريرها منْ رجسِكَ ورجسِ مستوطنيكَ الغاصبينَ.

ولنْ ينفعَكَ البطشُ والقتلُ أبداً، بلْ سوفَ يرتدُّ عليكَ، وسوفَ تثمرُ دماءُ شهدائنا حريةً ونصراً لنا، وتكتبُ لكَ ولإرهابكَ الفناءَ والزوالَ.

بأيدينا وتضحياتِ شعبِنا نكتبُ الحاضرَ والمستقبلَ والتاريخَ،

وستبقى القدسُ هيَ القدسُ، وفلسطينُ هيَ فلسطين، ونحنُ أهلُها وأصحابُ الحقِ فيها، على ذلكَ نمضي، وإنَّا لمنتصرون.

والسلامُ على فلسطينَ وعلى القائمين بالعدل من الناس