الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين: ما بعد وقف العدوان... المسؤولية مستمرةالحملة العالمية للعودة إلى فلسطين: ما بعد وقف العدوان... المسؤولية مستمرة
Gaza… From the Ashes of Genocide, Freedom is Born and the Triumph of Will is Writtenغزة... من رماد الإبادة تولد الحرية ويُكتب نصر الإرادة

غزة… تنهض من الرماد لتعلن أن الإرادة أقوى من الحرب

بعد عامين من الإبادة التي أحرقت البشر والحجر، تقف غزة اليوم كمدينة من دخان ودموع، ترفع رأسها نحو الضوء رغم الركام. الحرب توقّفت، لكن الدمار لم يتوقّف عن الكلام. كل حجر هناك يحكي قصة نجاة، وكل خيمة تهمس باسم بيتٍ كان، وكل طفلٍ يرسم على الغبار ملامح حياةٍ تنتظر العودة.

ورغم إعلان وقف إطلاق النار، فإن المأساة لم تعرف نهاية بعد. فغزة الجريحة تئنّ تحت عبءٍ إنساني غير مسبوق، بعد أن فقد أكثر من 1.9 مليون فلسطيني منازلهم، وتحوّل القطاع إلى خريطة من الخيام والمخيمات التي تختنق بالبؤس.

المدارس المهدّمة صارت مأوى، والساحات العامة صارت أسرّة للنازحين، ومع نقص الوقود وانهيار شبكات المياه والصرف الصحي، تحوّلت أماكن الإيواء إلى بؤر مهدّدة بالصحة العامة، حيث ينتشر خطر التلوث والأوبئة مع كل موجة مطر أو انقطاع للكهرباء. فالحصار ما زال قائماً، والمنافذ الإنسانية بالكاد تُفتح أمام المساعدات.

ووفق تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، فإن ما يقارب 70% من مباني غزة السكنية دُمّر كلياً أو جزئياً، لتصبح عملية إعادة الإعمار واحدة من أعقد المهام في التاريخ الإنساني المعاصر. فكل شارع في غزة اليوم يختزن مئات القصص تحت الركام، وكل جدار متصدّع يروي مأساة عائلةٍ كاملة.

أما على صعيد الإغاثة، فقد قدّرت الجهات الإنسانية الحاجة العاجلة إلى أكثر من 400 ألف خيمة أو وحدة سكنية مؤقتة لتأمين المأوى للنازحين، في حين أكد المركز النرويجي للاجئين أن ما لا يقل عن 1.1 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إيواء طارئة وفورية.

ويشدّد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك على أن “غزة تحتاج إلى أكثر من مساعدات… إنها بحاجة إلى شريان حياة”. ودعا إلى فتح المعابر بشكلٍ عاجل وتأمين حركة آمنة لعمال الإغاثة والسماح بدخول البضائع دون قيود، وإصدار التأشيرات اللازمة للعاملين في المجال الإنساني، لضمان استمرارية العمل وفق المبادئ الدولية.

القطاع الصحي، بدوره، يعيش كارثة لا تقل قسوة. 70% من المنشآت الطبية خارج الخدمة، وأكبر مستشفيات غزة صارت أطلالاً من رماد. أكثر من 168 ألف جريح ينتظرون العلاج، فيما تُقدّر وزارة الصحة أن إعادة بناء المنظومة الطبية تحتاج إلى 7 مليارات دولار على الأقل.

تقول مديرة المكتب الإقليمي لـ”أطباء بلا حدود”، جنان سعد، إن “إعادة بناء القطاع الطبي هي شرط الحياة في غزة”، مشيرة إلى آلاف الجرحى، وأمراض سوء التغذية، وانهيار النظام الصحي الذي “تُرك ليموت ببطء”.

غزة اليوم ليست مجرد مدينة منكوبة، بل اختبارٌ أخلاقي للعالم. فالخطر لم يعد في القنابل، بل في الصمت. والخطر لم يعد في الحرب، بل في الإهمال بعد الحرب.

ومع ذلك، تبقى غزة، كما كانت دائمًا، ترفض أن تموت. من تحت الركام يخرج الأطفال بأيدي ملطّخة بالتراب ليزرعوا الأمل، وتكتب النساء أسماء أحبابهنّ على جدران الخيام، وتُشعل المدينة المنهكة شمعةً في وجه العتمة.

لقد انتصرت غزة لأنها صمدت. انتصرت لأنها لم تسمح للموت أن يحتكر المشهد. انتصرت لأنّ في كل ركامها حياة، وفي كل حجرٍ فيها وعدٌ بالبقاء.

لكنّ النصر لا يكتمل ما لم تمتدّ الأيادي الحرة لتمسح الألم وتعيد للمدينة روحها. فالمعاناة لم تنتهِ، والمسؤولية لم تسقط. غزة اليوم تقول للعالم: “انتهت الحرب… لكن واجبكم لم ينتهِ.”

Share This Story, Choose Your Platform!