في الذكرى الـ12 لتأسيسها… “الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين” تشدّد على تعزيز دور التضامن الدولي ودعم الرواية الفلسطينية
لماذا نتضامن مع فلسطين؟لماذا نتضامن مع فلسطين؟

الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين: اثنا عشرة عامًا من تثبيت الرواية وصناعة الوعي

على امتداد اثني عشر عامًا، ظلّ خيطٌ غير مرئي يشدّ قلوب الأحرار نحو فلسطين، خيطٌ نسجته إرادة شعوبٍ لم تتعب من رفع راية الحق، ولم تملّ من ترديد نشيد العودة. وسط ضجيج العالم.

وفي زمنٍ يُراد فيه للقضية الفلسطينية أن تُختزل أو تُنسى، اختارت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين أن تكون صوتًا مضيئًا يحمل الذاكرة من جيل إلى جيل، ويبقي فلسطين حاضرة في وجدان الناس مهما تغيّر الزمن.

لم تكن الحملة مجرد منظمة؛ بل صارت حالة وعي، ومسارًا طويلًا من العمل الشعبي العابر للقارات، يذكّر بأن العدالة لا تموت، وأن الطريق إلى العودة تُعبّده أقدام المؤمنين بها.

 

من الفكرة إلى المؤسسة: بدايات تتّسع للعالم

انبثقت فكرة الحملة في 15 أيار/مايو 2013، يوم اجتمع ناشطون من أرجاء مختلفة لإحياء ذكرى النكبة بطريقة جديدة تُعيد الروح إلى حق الفلسطينيين في أرضهم. وبعد أشهر، في 27 – 29 تشرين الثاني – اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني – تبلورت الحملة رسميًا في مؤتمرها الأول في بيروت تحت شعار “التضامن مسؤولية”.

منذ اللحظة الأولى، أعلنت الحملة هدفًا واضحًا: تشكيل إطار عالمي يُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية بوصفها قضية إنسانية وأخلاقية جامعة. اتخذت الحملة شعارًا راسخًا: “عودةٌ إلى الأرض والقضية”، ورسمت لنفسها مجموعة أهداف استراتيجية تقوم على:

– طرح قضية فلسطين على حقيقتها، باعتبارها قضية عدالة وحقوق مشروعة غير قابلة للتجزؤ والمساومة، وساحة لقاء وتوافق بين جميع الأحرار والشرفاء في العالم، بغضّ النظر عن اختلاف مواقفهم في أي قضية اخرى.

– تفعيل دور مؤسّسات المجتمع المدنيّ، وإيجاد أرضيّة للتّعاون المُنظّم بما يُسهم في تطوير العمل لخدمة قضيّة فلسطين.

– استدامة حضور “قضيّة فلسطين” في الأوساط الجماهيريّة، ولدى الهيئات والأطر الحقوقيّة العالميةّ.

– بناء رأيٍ عامٍّ محليٍّ وَإقليميٍّ وَعالميٍّ؛ يتبيّن عدالة “قضيّة فلسطين”، ويساند الفلسطينيّين في نضالهم من أجل حقوقهم المشروعة.

– دَعم صمود الشّعب الفلسطينيّ، وَحقّه الذي تكفله جميع الشّرائع والقوانين الدّوليّة في الدّفاع عن نفسه وَمقاومة المُحتلّ، وَمُساندتُه للوصول إلى أهدافه في العيش الحرِّ والكريم.

 

منذ انطلاقتها، جعلت الحملة من المناسبات الفلسطينية محطات عالمية للتضامن. ففي يوم الأرض 30 آذار، أطلقت مبادرات ميدانية ورمزية، أبرزها “حديقة شهداء العودة” في جنوب لبنان عام 2018، حيث زُرعت 248 شجرة تخليدًا لذكرى الشهداء.

أما يوم العودة 15 أيار، فصار المناسبة المركزية للحملة، بعد أن تبنّت استبدال مصطلح “النكبة” بمفهوم يحمل الأمل لا الهزيمة. في هذا اليوم، تنظَّم اعتصامات أمام السفارات، وتُعقد ندوات دولية، وتُبث رسائل تضامنية من شخصيات سياسية وثقافية وإعلامية حول العالم.

وفي أسبوع الانتفاضة – 22 إلى 28 أيلول من كل عام – تستعيد الحملة ذاكرة النضال الفلسطيني عبر فعاليات جماهيرية وثقافية تؤكد أن روح المقاومة الشعبية لا تزال نابضة رغم كل الظروف.

كما تحيي الحملة بشكل سنوي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني – 29 تشرين الثاني – عبر حملات تعريفية واسعة النطاق في دول مختلفة.

 

خرائط تتسع… وصدى يمتدّ عبر القارات

لم يمضِ وقت طويل حتى تحولت الحملة إلى جسر عالمي يربط بين حركات التضامن في عشرات الدول حول العالم، ومن خلال الأنشطة الدولية التي نظّمتها الحملة العالمية ما بين ماليزيا شرقاً ودول أمريكا اللاتينية غرباً وجنوب إفريقيا جنوباً، ثبت أن فلسطين حاضرة بلغات العالم كافة.

أما على مستوى المؤتمرات الدولية التي نظّمتها الحملة، فقد برزت محطات مفصلية:

الملتقى الدولي الأول للتضامن مع الشعب الفلسطيني – بيروت 2013

الملتقى الدولي الثاني للتضامن مع الشعب الفلسطيني – بيروت 2014 تحت شعار “التضامن شرف والتزام”

المؤتمر اللاتيني للتضامن مع فلسطين فنزويلا 2015

الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين 2015 وقد انبثقت عن الملتقى رابطة علمائية تحمل اسم (الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين)

الملتقى الدولي الثالث للتضامن مع الشعب الفلسطيني – بيروت 2015

الملتقى الدولي الرابع للتضامن مع الشعب الفلسطيني – بيروت 2018

الملتقى الدولي الخامس – جنوب أفريقيا 2023 بالتعاون مع عائلة الزعيم نيلسون مانديلا

مؤتمر “نداء الأقصى” السنوي – كربلاء الذي تحوّل إلى واحد من أكبر منصات التضامن الديني والشعبي عالميًا.

كل مؤتمر كان نافذة جديدة، وكل محطة كانت لبنة في بناء شبكة عالمية تُدافع عن فلسطين.

 

ذاكرة تمتد… ومسيرة لا تنطفئ

اثنا عشر عامًا كانت رحلة عمل مستمرة أثبتت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين فيها أن العمل الشعبي يمكنه أن يحرك العالم حين يستند إلى رؤية إنسانية صادقة.

فمن شوارع العواصم إلى ساحات الجامعات، من منصات الإعلام إلى مبادرات الناشطين، كانت الحملة صوتًا صارخاً يُصرّ على أن الحق الفلسطيني لا يُمحى، وأن العودة ليست شعارًا بل وعدٌ تاريخي محفوظ في وجدان الشعوب.

واليوم، تقف الحملة كجسر يربط بين الأمل والكفاح، بين الماضي والآتي، بين ذاكرة لا تُنسى ومستقبل يؤمن أصحابه بأن العودة حقّ لا يسقط بالتقادم. إنها اثنا عشر عامًا من الحراك، لكنها أيضًا جزء من مسار كبير… مسارٍ نحو وطنٍ لم يغادر يومًا قلوب أهله أو محبيه.

Share This Story, Choose Your Platform!