في تطور خطير يعكس العقلية الاستعمارية للاحتلال، لجأ الكيان الغاصب إلى استخدام “الروبوتات المفخخة” كسلاح فتاك لتدمير الأحياء السكنية في قطاع غزة، خصوصًا شمال القطاع. هذه المركبات التي جرى تحويلها من آليات مدنية أو مصفحة إلى أدوات قتل جماعي، يتم تجهيزها بما يصل إلى خمسة أطنان من المتفجرات، ثم دفعها نحو التجمعات السكنية وتفجيرها، ما يؤدي إلى محو مساحات واسعة من الأحياء وإجبار سكانها على النزوح القسري.
تفجير روبوت واحد فقط يكفي لتسوية حي كامل بالأرض، إذ تحمل هذه الآليات مواد متفجرة هائلة تترك وراءها دمارًا واسعًا وصوتًا مرعبًا يتردد صداه في أرجاء القطاع. منظمات حقوقية وصفت هذا الاستخدام الوحشي بأنه شكل من أشكال الإبادة الجماعية الممنهجة، يستهدف الأرض والهوية الفلسطينية قبل أن يستهدف الحجر والبشر.
ولا يقتصر الهدف على التدمير المادي، بل يسعى الاحتلال عبر هذه الأساليب إلى فرض تهجير واسع النطاق. فالآلاف من العائلات الفلسطينية أُجبرت على ترك منازلها تحت وطأة الرعب الناتج عن التفجيرات، في إطار سياسة متكاملة تقوم على الحصار والتجويع والترويع، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية.
هذا النهج يتكامل مع حملة تدمير شاملة طالت الأحياء السكنية، والمؤسسات المدنية، وحتى المباني التاريخية في غزة. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فقد دمّر الاحتلال ما بين 60% و70% من منازل القطاع، بينما بلغت نسبة الدمار في شمال غزة نحو 84%. أما حصيلة العدوان، فقد تخطت 63 ألف شهيد، بينهم أكثر من 15 ألف طفل، إضافة إلى أكثر من 160 ألف جريح.
ورغم هذه الجرائم، لا يزال الموقف الدولي عاجزًا على إجبار الكيان الغاصب على وقف الحرب، فيما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية حماية الاحتلال سياسيًا وعسكريًا، حيث دعا جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي -الدائمين وغير الدائمين باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية- الاحتلال بوقف فوري للحرب وإدخال المساعدات ومنع توسيع العمليات العسكرية.
ويبقى السؤال: إلى متى سيظل المجتمع الدولي متفرجًا على إبادة شعب أعزل، وإلى متى سيُترك الفلسطينيون وحدهم في مواجهة آلة الموت التي تستهدف وجودهم وأرضهم وقضيتهم؟
اضف تعليقا