في عالم يظن البعض فيه أن أبسط حقوق الإنسان هي من المسلمات التي لا يجوز المساس بها، نجد أن هذه الحقوق تُسرق وتُنهب في وضح النهار. لا يكفي أن تُقتل البراءة وتُدمَّر الطفولة في غزة، بل يُضاف إلى ذلك جريمة أخرى؛ سرقة المساعدات الإنسانية. في هذا القطاع المحاصر، تقوم آلة الحرب الصهيونية بفرض الجوع كأسلوب حرب، وتحرم الناس من أبسط ما يعينهم على البقاء أحياء. بينما تزداد أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، تزداد أيضًا الوقاحة في التنسيق مع عصابات تهدف لسرقة ما تبقى من أمل.

قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، مساء أمس الإثنين، “إن الاحتلال ينسق مع عصابات محلية لسرقة المساعدات “الشحيحة” الواصلة إلى القطاع في ظل تفاقم المجاعة وارتفاع أعداد الأطفال المصابين بـ”سوء التغذية” إلى الآلاف”.

وأضاف مدير عام المكتب الحكومي، إسماعيل الثوابتة، في تصريح له، “أن المجاعة المستفحلة في قطاع غزة، خاصة في الشمال، تسببت في وفاة العديد من الأشخاص دون ذكر عدد محدد”.

وأكد في حديثه “أن آلاف الأطفال في قطاع غزة أصيبوا بسوء التغذية جراء المجاعة، بينما يعاني 3500 طفل دون سن الخامسة بسبب منع دخول حليب الأطفال والحليب العلاجي”.

وأشار الثوابتة إلى أن “3,500 طفل دون سن الخامسة يعانون بشكل كبير بسبب منع الاحتلال إدخال حليب الأطفال والحليب العلاجي والمكملات الغذائية”.

وأضاف أن آلاف الأطفال في قطاع غزة أصيبوا بسوء التغذية، خاصة في محافظة الشمال.

وقال المسؤول الحكومي في غزة: “تدخل يومياً من 10 إلى 30 شاحنة فقط من المساعدات، والاحتلال يقوم بتصويرها والترويج للعالم وتضليل الرأي العام بأنه يقوم بإدخال المساعدات، ثم من تحت الطاولة يقوم بالتنسيق مع فئات وعصابات خارجة عن القانون من أجل تسهيل سرقتها”.

ولفت “أن عمليات سرقة شاحنات البضائع والمساعدات المخصصة للتجار وللفلسطينيين من فئات وعصابات خارجة عن القانون، والتي تعمل جنوب قطاع غزة، تسيء للشعب الصامد وتضحياته كما تعمل على تأزيم ظروف الحياة للنازحين”.

وأوضح إلى أن “سلوك هذه العصابات يتماشى ويتساوق مع أهداف الاحتلال وسياساته العدوانية بحق شعبنا الفلسطيني”.

إن ما يحدث في غزة ليس مجرد سرقة للمساعدات، بل هو عملية ممنهجة لسرقة الأمل من عيون شعبنا الفلسطيني الصامد، وتحويله إلى كائن فاقد للهوية، مفلس من حقوقه. ليس فقط في سرقة الطعام والدواء، بل في تجويع الروح وتعطيشها. فكل شاحنة مساعدات تسرق، وكل طفل يعاني من الجوع، هو جزء من محاولة أكبر لتدمير كرامة هذا الشعب، ولإجباره على التخلي عن هويته وتاريخه تحت ضغط المعاناة المستمرة.