بين لبنان وغزة، تتجلى صورة واحدة لعدوان لا يكتفيبتدمير الأبنية والبنى التحتية فحسب، بل يمتد إلىاستهداف الكوادر الطبية وتدمير المنظومات الصحية، ليتركالعاملين الصحيين بين خيار الموت أثناء تأدية واجبهم أوالعجز عن إنقاذ المرضى، في محاولة لخنق الحياة بكلتفاصيلها.
أعلنت منظمة الصحة العالمية “أن العدوان “الإسرائيلي”على لبنان ألحق أضراراً مدمرة بقطاع الرعاية الصحية،مشيرةً إلى أن عدد العاملين الصحيين والمرضى الذيناستشهدوا هناك يفوق ما تم تسجيله في أوكرانيا وغزةمعاً“.
في لبنان، استشهد خمسة مسعفين لبنانيين يوم الجمعة،في غارات شنتها طائرات الاحتلال على جنوب البلاد. وأوضحت وزارة الصحة اللبنانية “أن ثلاثة مسعفيناستشهدوا وأصيب ثلاثة آخرون في غارة استهدفت مركبةإسعاف في بلدة دير قانون رأس العين بقضاء صور“. كماأعلنت وكالة الأنباء اللبنانية استشهاد مسعفين اثنين فيغارة استهدفت قرية القطراني بقضاء جزين.
ووفقاً لبيانات وزارة الصحة اللبنانية، استهدف الاحتلال94 مركزاً طبياً وإسعافياً، و40 مستشفى، و249 آلية صحية.
كما أدانت نقابة اطباء لبنان في بيروت “استمرار العدو الاسرائيلي بقصف المراكز الصحية والاستشفائية وملاحقة الاطباء الى أماكن اقاماتهم، بحيث أدت غارة إسرائيلية على مبنى في “دورس“ إلى استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي الذي كان داخله مع عدد من الأشخاص”.
ونعت النقابة في بيان “الشهيد الدكتور علي ركان علام والأطباء الذين كانوا برفقته وكل الشهداء الابرار الذين قدموا أنفسهم قربانًا على مذبح الوطن”.
وأكدت النقابة إن “هذه الاعتداءات الآثمة وغيرها لم ولن تثنيَ الاطباء عن القيام بواجبهم الإنساني واستمرارهم في مواجهة التحديات”.
في المقابل، تواجه غزة ذات المصير، مع تهديد وجوديللمنظومة الصحية. فقد حذرت وزارة الصحة الفلسطينية منتوقف المستشفيات عن العمل خلال 48 ساعة بسبب منعالاحتلال إدخال الوقود ودعمه لجماعات تمنع وصولالإمدادات.
وأكدت الوزارة “أن جيش الاحتلال استهدف الطواقم الطبيةشمال غزة، ودمّر ممتلكات مستشفى كمال عدوان، وأطلقالنار على العاملين فيه“.
وقال مدير المستشفيات الميدانية في غزة، مروان الهمص،في مؤتمر صحفي: “جيش الاحتلال لا يزال مستمراً فيإبادة شعبنا الفلسطيني بشكل عام، وتدمير المنظومةالصحية بشكل خاص”.
وأوضح الهمص، “أن المستشفى تعرض لاستهداف مباشر،ما أدى إلى إصابة ستة من الكوادر الطبية، اثنان منهم بحالةخطيرة، كما استهدف الاحتلال مولد الكهرباء، محطةالأوكسجين، ومنظومة تغذية المياه بالمستشفى“.
وأشار إلى أن “الطواقم الطبية بلا طعام، والمرضى بلاعلاج، فيما توقفت الإسعافات والدفاع المدني عن العملنتيجة الحصار والإبادة الجماعية”.
دائماً ما نتساءل عن دور المنظمات الدولية ومؤسساتحقوق الإنسان في مواجهة هذا العدوان. لكن حين تُرتكبمجازر بحق الكوادر الطبية التي سخّرت حياتها لإنقاذالأرواح، يظهر سؤال أعمق: أين الضمير الإنساني؟ كيفيمكن لإنسان أن يوجه رصاصه أو صواريخه نحو منيحملون أدوات الشفاء بدلاً من السلاح ؟ هل يمكن أن يُسمىمن يرتكب هذه الأفعال “إنساناً“ مثلنا، أم أنه مجرد جسد بلاضمير، بلا روح، وبلا أدنى شعور بقيم الإنسانية ؟
اضف تعليقا