The Global Campaign to Return to Palestine: Twelve Years of Anchoring the Narrative and Shaping Global Awarenessالحملة العالمية للعودة إلى فلسطين: اثنا عشرة عامًا من تثبيت الرواية وصناعة الوعي
على رصيف السوق… أمّ تُرمّم النقود لتقاوم الحصار في غزةعلى رصيف السوق… أمّ تُرمّم النقود لتقاوم الحصار في غزة

لماذا نتضامن مع فلسطين؟

من شوارع العواصم البعيدة إلى وجدان الإنسان القريب، يمتدّ سؤال فلسطين كجرحٍ مفتوح في ضمير العالم: لماذا نتضامن مع فلسطين؟

لأن الحكاية لم تبدأ اليوم، ولأن الألم لم ينتهِ، ولأن شعبًا كاملًا ما زال يُسأل كل صباح عن حقّه في الحياة، في الأرض، وفي الأمان.

في التاسع والعشرين من تشرين الثاني من كل عام، يعود اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ليذكّر العالم بأن القضية لم تُغلق، وأن الاحتلال ما زال قائمًا، وأن العدالة ما زالت مؤجلة.

هذا اليوم ليس تاريخًا على الروزنامة، بل شاهدًا على ظلمٍ مستمر، وعلى شعبٍ لم تفلح سبعة عقود من القهر في كسر إرادته. منذ أن اعتمدته الأمم المتحدة عام 1978، ظلّ هذا اليوم مساحةً للذاكرة والضمير، وللتأكيد أن الفلسطيني ما زال محرومًا من أبسط حقوقه: الحرية وتقرير المصير والعودة.

حين تصبح فلسطين قضية البشر جميعًا

لم تكن فلسطين يومًا حكاية شعبٍ وحده، بل مرآةً لكل الشعوب التي ذاقت طعم الاضطهاد. لذلك حمل قضيتها أحرار العالم كما يحملون قضاياهم الخاصة. ولم يكن قول نيلسون مانديلا: “حريتنا ناقصة ما لم تكتمل بحرية الفلسطينيين” مجرد عبارة تضامن، بل تشخيص صادق لوحدة مصير المظلومين في هذا العالم.

قرارات الأمم المتحدة اعترفت منذ عقود بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف، لكن الاعتراف وحده لم يوقف الجرافات، ولم يحمِ الأطفال، ولم يُعد اللاجئين إلى بيوتهم. هنا يصبح التضامن ضرورة أخلاقية، لا موقفًا سياسيًا، وصوتًا للعدالة حين تصمت موازين القوة.

شوارع العالم تنطق باسم فلسطين

التضامن مع فلسطين لم يعد حكرًا على بيانات رسمية أو مواقف نخبوية، بل صار مشهدًا يوميًا في الشوارع. ملايين البشر خرجوا يهتفون لفلسطين بلغات شتى، من لندن إلى إسطنبول، ومن نيويورك إلى جوهانسبرغ، ومن كوالالمبور إلى الرباط. أعلام فلسطين ارتفعت فوق ساحات لم تطأها قدم فلسطيني من قبل، لكنها حملت وجعه وكأنها تعرفه منذ زمن.

في قلب هذه التظاهرات كانت الرسالة واحدة: أوقفوا القتل، ارفعوا الظلم، أنقذوا الأطفال، لم يكن الحشد دفاعًا عن طرفٍ سياسي، بل عن معنى الإنسان نفسه.

وامتدّ التضامن إلى ما هو أبعد من الهتاف: حملات تبرع، اعتصامات، صلوات مشتركة، حملات رقمية اجتاحت العالم، وملايين المنشورات التي أعادت فلسطين إلى واجهة الوعي العالمي. مشاهد الأطفال تحت الأنقاض، وصرخات الأمهات، وأجساد الجوعى، كانت أقوى من كل محاولات التعتيم.

حين يتكلم الضمير الإنساني

لم يبقَ الصوت إنسانيًا فقط، بل تحوّل إلى مواقف صريحة من مؤسسات دولية وإنسانية نادرًا ما تخرج عن حيادها. الصليب الأحمر تحدّث بوضوح عن انهيار كل المعايير الأخلاقية في غزة، ومنظمات الإغاثة وصفت ما يجري بأنه كارثة غير مسبوقة، بل إبادة جماعية.

بيانات حادة، أرقام مفزعة، تحذيرات من فناء جماعي، ومطالبات بوقف فوري لإطلاق النار، كلها اجتمعت لتقول: ما يحدث لم يعد مقبولًا بأي مقياس بشري.

حتى المؤسسات الدينية رفعت الصوت. نداءات بابا الفاتيكان، ومواقف هيئات حقوق الإنسان، وتحركات محاكم دولية، كلها التقت عند نقطة واحدة: حماية الإنسان الفلسطيني من الموت المجاني.

التضامن… حين يصبح واجبًا لا خيارًا

في جوهره، التضامن مع فلسطين ليس ترفًا أخلاقيًا، ولا تعاطفًا موسميًا، بل موقف وجودي: إما أن تنحاز للإنسان، أو تصمت مع القتل. هو إعلان أن العدالة لا تُجزّأ، وأن دم الأطفال لا يُصنَّف حسب الجغرافيا.

نحن نتضامن لأن الفلسطيني لم يطلب أكثر من حقه الطبيعي: أن يعيش في بيته دون خوف، أن يذهب طفله إلى المدرسة لا إلى المقبرة، أن تُزرع أرضه قمحًا لا قبورًا، وأن يعود لاجئه لا كرقمٍ في ملفٍ أممي، بل كإنسان إلى بيته.

خاتمة: لأن الصمت صار خيانة

لماذا نتضامن مع فلسطين؟ لأن الصمت أمام هذا الظلم صار شراكة فيه. لأن الحرية لا تُختزل بحدود، ولأن الكرامة لا تُقسَّم. لأن فلسطين اليوم ليست فقط أرضًا تحت الاحتلال، بل امتحانًا قاسيًا لضمير العالم كله.

في تضامننا، نحفظ إنسانيتنا قبل أن نحفظ فلسطين. وفي هتافنا، نعيد التذكير بأن الحق لا يسقط بالتقادم، وأن الشعوب قد تُهزم ماديًا، لكنها لا تُهزم أخلاقيًا.

وفلسطين… ما زالت تنادينا، لا لتطلب الشفقة، بل لتوقظ فينا معنى أن نكون بشرًا.

Share This Story, Choose Your Platform!