في 16 أيلول/سبتمبر 1982، شهد مخيما صبرا وشاتيلا في بيروت واحدة من أبشع المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين. على مدى ثلاثة أيام فقط، قُتل ما بين 700 و3,500 إنسان، معظمهم من النساء والأطفال، على أيدي عملاء الكيان الغاصب في عمليات قتل جماعي موثّقة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية. وقد اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ما حدث عملاً من أعمال الإبادة الجماعية، بينما بقي مرتكبو الجريمة بلا محاسبة حقيقية حتى اليوم.

 

بعد مرور 43 عاماً، تعود ذكرى المجزرة لتتجدد مع المأساة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة. فالحرب المستمرة منذ أكثر من سبعمئة يوم حصدت عشرات آلاف الأرواح، بينهم آلاف الأطفال والنساء، في قصف مكثف وحصار خانق دمّر البنية التحتية ومنع وصول الغذاء والماء والدواء. وتشير تقارير أممية إلى أن غزة تحوّلت إلى مقبرة جماعية مفتوحة، في تكرار مأساوي لأنماط القتل الجماعي التي شهدها مخيما صبرا وشاتيلا.

 

اليوم، كما في 1982، يقف المجتمع الدولي عاجزًا أمام الجرائم بحق المدنيين، ويكتفي ببيانات إدانة لا توقف نزيف الدم. إن استحضار صبرا وشاتيلا ليس استدعاءً للتاريخ فحسب، بل تحذير من حاضر يتكرر: إفلات من العقاب، وصمت عالمي يشرعن استمرار الإبادة. وما لم تتحقق مساءلة حقيقية وتُفرض حماية فورية للمدنيين، ستبقى المآسي الفلسطينية، من بيروت إلى غزة، جروحًا مفتوحة في ضمير العالم.