خلال العدوان المستمر على قطاع غزة، تحوّلت الطائرات المسيّرة الصغيرة من نوع “كوادكابتر” إلى أحد أبرز أدوات الكيان الغاصب لترهيب المدنيين وتنفيذ اعتداءات مباشرة بحقهم. لم تعد هذه الطائرات مجرّد وسيلة استطلاع، بل غدت أداة للقتل والحرق والاستهداف المنهجي، ما أثار مخاوف حقوقية واسعة من ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني.

عين في السماء وترهيب متواصل

تقارير حقوقية وثّقت أن الكيان الغاصب يستخدم الكوادكابتر للتحليق على ارتفاعات منخفضة فوق الأحياء السكنية ومراكز الإيواء، وصولًا إلى نوافذ المنازل والخيام، لتصوير السكان وبث أصوات مرعبة كصرخات استغاثة وهمية أو أصوات انفجارات. هذه الممارسات، بحسب المرصد الأورومتوسطي، تمثّل سياسة ترهيب نفسي ممنهجة تُضاعف من معاناة المدنيين في غزة.

من الاستطلاع إلى الاغتيال

الأخطر أن هذه الطائرات باتت تُستخدم كسلاح قاتل مباشر. فقد وثّقت منظمات حقوقية استشهاد عشرات الفلسطينيين نتيجة استهدافهم برصاص الكوادكابتر، إمّا عبر إطلاق نار عشوائي على تجمعات، أو اغتيال مدنيين بشكل مباشر. في إحدى الحوادث المروّعة، استُهدفت السيدة سِلاح محمد عودة (52 عامًا) في مخيم جباليا رغم رفعها راية بيضاء، فقُتلت أمام أفراد أسرتها، في مشهد وصفته منظمات حقوقية بأنه إعدام ميداني بطائرة مسيّرة.

حرق خيام النازحين

استخدام الكوادكابتر لم يقتصر على إطلاق النار، بل امتدّ إلى إسقاط مواد حارقة على خيام النازحين. ففي سبتمبر/أيلول 2025، أشعلت هذه الطائرات حرائق في محيط مستشفى الرنتيسي ومنطقة الشيخ رضوان بمدينة غزة، ما دمّر خيامًا وممتلكات لنازحين فقدوا كل شيء. الهدف، وفق محللين، هو حرمان المدنيين من أي مأوى آمن وزيادة معاناتهم ضمن سياسة العقاب الجماعي.

استهداف سيارات الإسعاف

الطواقم الطبية أيضًا لم تسلم. فقد استُهدفت سيارات إسعاف أمام عيادة الشيخ رضوان بقنابل حارقة، ما أدّى إلى تدمير مركبات قليلة كانت متبقية في الخدمة. منظمات دولية بينها الصليب الأحمر اعتبرت هذه الأفعال جريمة حرب، إذ إن الاعتداء على المسعفين والفرق الطبية محظور بموجب اتفاقيات جنيف.

ما بين مراقبة المدنيين، وتنفيذ الاغتيالات، وحرق خيام النازحين، واستهداف سيارات الإسعاف، أصبح الكوادكابتر رمزًا جديدًا لوحشية العدوان على غزة.

هذه الطائرات الصغيرة، التي تحوّلت إلى “قنّاص طائر”، لم تزرع سوى الخوف والموت في حياة المدنيين. ومع تزايد استخدام الكيان الغاصب لها، تتصاعد المطالب الحقوقية بوقف هذا النهج ومحاسبة المسؤولين عنه دوليًا، حمايةً للمدنيين وضمانًا لأبسط قواعد الإنسانية في زمن الحرب.