أكدت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، وهي واحدة من أبرز الهيئات الأكاديمية المتخصصة في دراسة جرائم الإبادة عبر العالم، أن ما يجري في قطاع غزة منذ ما يقارب العامين يرقى بوضوح إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.

الرابطة أشارت في قرارها الأخير إلى أن الكيان الغاصب انتهجت سياسة ممنهجة تقوم على جرائم واسعة النطاق ضد الإنسانية، من خلال القتل المتعمد للمدنيين وتدمير البنى التحتية المدنية الأساسية بما في ذلك المستشفيات والمنازل والمباني التجارية. وأوضحت أن هذه السياسات أدت حتى تاريخ القرار إلى مقتل أكثر من 59 ألف إنسان في غزة، بينهم آلاف الأطفال، فيما لا يزال آلاف آخرون تحت الأنقاض، إضافة إلى إصابة ما يزيد على 143 ألف شخص، كثير منهم أصيبوا بإعاقات دائمة وبتر في الأطراف.

جرائم متشعبة وجرائم ضد الإنسانية

القرار وثّق ارتكاب الكيان الغاصب لجرائم متعددة تشمل التعذيب والاعتقال التعسفي والعنف الجنسي والحرمان المتعمد من الغذاء والماء والدواء والكهرباء، وهي أساسيات لا يمكن للمدنيين العيش من دونها. كما أكّد أن الكيان الغاصب تعمّد استهداف الكوادر الطبية والمسعفين والصحفيين، في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وتطرّق التقرير إلى جريمة التهجير القسري، إذ نزح ما يقرب من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة عدة مرات، مع تدمير أكثر من 90% من البنية التحتية السكنية، وهو ما يعكس سياسة متعمدة لاقتلاع السكان من أرضهم وتجريدهم من حق البقاء. كما دمّر الكيان الغاصب المدارس والجامعات والمكتبات والمتاحف، في محاولة واضحة لمحو الهوية الثقافية الفلسطينية وقطع شريان الحياة للأجيال القادمة.

استهداف الأطفال والأجيال القادمة

الرابطة شددت على أن استهداف أكثر من 50 ألف طفل بالقتل أو الإصابة، يرقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، باعتبار أن الأطفال يمثلون جوهر بقاء أي مجموعة بشرية. تدمير هذا الجيل، بحسب التقرير، يعني تدمير مستقبل الشعب الفلسطيني برمته.

نية التدمير العلني

القرار ربط بين الأفعال الميدانية والتصريحات الرسمية لمسؤولي الكيان الغاصب، الذين أطلقوا مرارًا تصريحات تكشف نيتهم الواضحة في تسوية غزة بالأرض وتحويلها إلى جحيم، مع توصيف الفلسطينيين بعبارات عنصرية.

الرابطة اعتبرت أن هذه التصريحات تشكّل دليلًا مباشرًا على نية التدمير، وهي عنصر جوهري في تعريف جريمة الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي.

دعوات للمحاسبة الدولية

وأكدت الرابطة أن سياسات الكيان الغاصب تتوافق مع تعريف الإبادة الجماعية الوارد في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948، وتشكل في الوقت نفسه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وطالبت الكيان الغاصب بالكف فورًا عن أفعالها الإجرامية، بما في ذلك القتل المتعمد للأطفال والنساء، والتجويع الممنهج، والتدمير الواسع للبنية التحتية.

كما دعت الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية إلى تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق قيادات الاحتلال، والتعاون التام مع التحقيقات الجارية، مشددة على ضرورة التزام جميع الدول بواجباتها القانونية وفق اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومعاهدات القانون الدولي.

قرار الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية يضيف ثِقلاً علميًا وأخلاقيًا إلى سلسلة من المواقف الحقوقية الدولية التي تؤكد أن ما يحدث في غزة هو حملة إبادة جماعية متعمدة تستهدف الفلسطينيين وجودًا وهويةً ومستقبلًا. ومع اتساع رقعة الدمار واستمرار الحصار، تبقى مسؤولية المجتمع الدولي مضاعفة.. التحرك العاجل لوقف الجريمة ومحاسبة مرتكبيها قبل أن يُطوى اسم غزة تحت ركام الإبادة.