700 يوم مرّت على غزة تحت نيران حربٍ إبادة غير مسبوقة تُعدّ الأطول والأشد فتكًا في تاريخ الشعب الفلسطيني. حرب لم تترك بيتًا إلا وطرقه الموت، ولم تُبقِ على ملامح مدينة إلا وحوّلتها إلى ركام.
في هذه البقعة المحاصرة، يتقاطع الدمار مع الجوع، والتهجير مع فقدان الأمان، لتتشكل صورة كارثية لمأساة إنسانية غير مسبوقة. ومع كل يوم إضافي، تتعمّق الجراح، ويزداد ثِقَل الأرقام التي تحصي الشهداء والجرحى والمفقودين، بينما يستمر العالم في مراقبة المأساة بصمتٍ يثقل الضمائر.
وقد سجّلت وزارة الصحة في القطاع أرقامًا صادمة بعد 700 يوم من العدوان المتواصل، فقد ارتقى 63,746 شهيدًا وأُصيب 161,245 جريحًا، فيما لا يزال أكثر من 10,000 مفقود تحت الأنقاض. كما استُشهد 367 إنسانًا بسبب المجاعة التي تضرب القطاع، معظمهم من الأطفال وكبار السن.
عائلات أُبيدت بالكامل
تُظهر البيانات أن العدوان أدى إلى ارتكاب أكثر من 15,000 مجزرة، واستهداف ما يزيد عن 14,000 عائلة، بينما تم إبادة 2,500 عائلة بشكل كامل.
الخسائر لم تتوقف عند المدنيين؛ فقد سقط 1,590 شهيدًا من الطواقم الطبية، و123 من عناصر الدفاع المدني، و247 صحفيًا قُتلوا أثناء تغطيتهم للأحداث، إضافة إلى 754 عنصرًا من الشرطة.
أما الأسرى، فقد بلغ عددهم 11,100 أسيرًا من غزة في سجون الكيان الغاصب. بينهم 300 محكومون بالمؤبد، و2,662 مصنَّفون “مقاتلين غير شرعيين”، و3,577 معتقلًا إداريًا، و450 طفلًا، و49 امرأة.
دمار شامل للأرض والبنية التحتية
تقديرات محلية تشير إلى أن 88% من مباني غزة مدمَّرة أو غير صالحة للسكن، فيما يسيطر الكيان الغاصب على 77% من مساحة القطاع عبر مناطق عسكرية عازلة وتمركز ميداني. الجامعات والمدارس والمساجد لم تسلم، إذ دُمّر المئات منها جزئيًا أو كليًا، ما ترك السكان بلا مأوى ولا خدمات أساسية.
مجاعة وأزمة إنسانية غير مسبوقة
أعلنت المنظمات الدولية أن غزة دخلت مرحلة المجاعة رسميًا، إذ يعيش نصف مليون إنسان في ظروف مجاعة كاملة، بينما يتهدد الخطر أكثر من 640,000 آخرين في الأسابيع المقبلة. الناس باتوا يبحثون عن فتات طعام في الطرقات أو يتزاحمون عند تكايا خيرية لتأمين لقيمات تسد الرمق.
وزارة الصحة وثّقت وفاة مئات الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية، فيما انهارت المنظومة الصحية مع خروج معظم المستشفيات عن الخدمة. الأمراض المعدية تنتشر مع شحّ المياه النظيفة وانعدام الدواء، فيما يعجز الأطباء عن إنقاذ آلاف المصابين.
نداءات دولية.. أوقفوا الإبادة
الأمم المتحدة وصفت ما يجري بأنه جحيم حيّ، وحذّر الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أن استخدام التجويع كسلاح حرب يشكّل جريمة دولية. في حين أنّ منظمة الصحة العالمية طالبت بوقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات بلا قيود. أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فاعتبرت أن النافذة لإنقاذ الأرواح في غزة توشك أن تُغلق، داعيةً إلى تدفق عاجل للمساعدات.
من جهتها، قالت منظمة أطباء بلا حدود إن ما يحدث في غزة هو كارثة إنسانية مصنوعة بقرار بشري، مؤكدة أن استمرار الحصار والعدوان يعني المزيد من الموت والمعاناة.
العالم أمام امتحان أخلاقي
بعد 700 يوم من حرب الإبادة، باتت غزة على شفا الانهيار الكامل. الأطفال يتضورون جوعًا، المستشفيات مشلولة، والبيوت مدمرة. ومع ذلك، لا يزال صوت غزة يتردد.. المطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار، فهل سيتحرك العالم لإنقاذ ما تبقى من حياة في غزة، أم ستُضاف الأيام القادمة إلى سجل المأساة المستمرة؟
اضف تعليقا