في مشهد يعكس حجم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، يقف نظام التعليم على حافة الانهيار الكامل، بعد أكثر من عامين من عدوان الكيان الغاصب المتواصل، الذي حوّل المدارس والجامعات إلى ركام، وحرم الأطفال من أبسط حقوقهم في التعلم.

مدارس مدمرة وأمل مفقود

صور الأقمار الصناعية الصادرة عن الأمم المتحدة تكشف أن 97% من المنشآت التعليمية في القطاع تضررت بدرجات متفاوتة، فيما تحتاج 91% منها إلى إعادة بناء أو تأهيل كامل. المدارس التي كانت يوماً مأوى للعلم والمعرفة باتت أنقاضاً، وحتى مدارس وكالة الأونروا لم تسلم من التدمير، ما عطّل العملية التعليمية برمتها.

ومع بداية موسم العودة إلى المدارس، يجد الأطفال أنفسهم أمام واقع قاسٍ: لا كتب، لا مقاعد، ولا صفوف آمنة.

جيل ضائع

تقرير “اليونيسف” يؤكد أن نحو مليون طفل في غزة محرومون من التعليم، بعد أن خسروا ما لا يقل عن ثلاثة أعوام دراسية متتالية. كما أن أكثر من 40 ألف طفل استشهد أو أصيب منذ اندلاع الحرب، فيما يعيش مئات الآلاف من الأطفال اليوم بين الجوع والنزوح والخوف، بدلاً من المدرسة واللعب.

حصار يمنع التعليم

منذ بداية يوليو 2025 وحتى العاشر منه فقط، تعرضت 10 مدارس للقصف رغم تحولها إلى ملاجئ للنازحين، ما أسفر عن استشهاد 59 فلسطينياً وتشريد عشرات العائلات. في الوقت نفسه، يفرض الكيان الغاصب قيوداً صارمة تمنع دخول المستلزمات التعليمية، ما يجعل الأزمة أكثر قتامة.

أرقام صادمة

الأضرار التي لحقت بالقطاع التعليمي جسيمة؛ إذ تضررت 1661 منشأة تعليمية، دُمّر منها كليًا ما يقارب 927 منشأة، بينما تضررت 734 أخرى جزئيًا. ولم يقتصر العدوان على المباني فقط، بل امتد ليستهدف الأرواح، حيث ارتقى نحو 12,800 طالب إلى جانب 800 من الكوادر التعليمية، فيما حُرم أكثر من 785 ألف طالب من حقهم في التعليم المستمر.

إبادة تعليمية ممنهجة

هذه الأرقام والحقائق تكشف أن العدوان لا يستهدف فقط الحجر والبشر، بل يشن حرباً على المستقبل ذاته، عبر محاولة إبادة التعليم وفرض سياسة التجهيل على جيل كامل من الفلسطينيين.

وبين ركام المدارس وأطلال الجامعات، يقف أطفال غزة رافعين أقلاماً مكسورة وكتباً ممزقة، في مواجهة حرب تسعى لحرمانهم من أبسط حقوقهم. إنها معركة صمود يومية، حيث يتشبث جيل بأمل ضئيل بأن يعود يوماً إلى مقاعد الدراسة، في وطنٍ يحاولون محو ذاكرته ومستقبله.