في زمن تتداخل فيه المآسي وتُختزل القضايا الكبرى في عناوين عابرة، ينبثق “نداء الأقصى” بوصفه صوتًا حيًّا يعبّر عن نبضٍ إنساني وأخلاقي يقف إلى جانب فلسطين.
إنّه رسالة تحملها كربلاء إلى فلسطين، صوتٌ يتجاوز حدود الجغرافيا والطوائف، ويستنهض ضمير الأمة لمواجهة الظلم، والانتصار للحق، وتثبيت البوصلة في زمن التيه السياسي والأخلاقي.
يُقام “نداء الأقصى” سنوياً في مدينة كربلاء المقدسة منذ عام 2022، برعاية الأمانة العامة للعتبة الحسينية، وبمبادرة مركزية من الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين (GCRP)، ويهدف إلى ربط القضية الفلسطينية بثقافة الفداء التي تجسّدت في نهضة الإمام الحسين (ع).
هذا الربط ليس فقط مجرد شعارات أو عواطف، إنّه ينبع من رؤية استراتيجية ترى في فلسطين جوهر العدالة، ومرآة الحق الذي لا يرضخ للطغيان.
موكب ومؤتمر نداء الأقصى في نسخته الرابعة للعام 2025 يأتي في ظرف استثنائي: غزة تحت الحصار الخانق والمجاعة القاتلة، آلاف الضحايا يتساقطون، والبشرية تختبر مرة أخرى قدرتها على الصمت.
في هذا السياق، يقدّم المؤتمر نفسه كمنبر مقاومة، ومنصة لتوحيد الأصوات الصادقة من مختلف المشارب، من علماء ومفكرين وقادة رأي، للتعبير عن الموقف الشعبي والديني والسياسي من فلسطين، ودعم صمود أهلها، وكشف جرائم الكيان الغاصب، والتأكيد أن المقاومة ليست فقط بالسلاح، بل بالكلمة، والوعي، والاصطفاف الأخلاقي والوجداني.
يركّز “نداء الأقصى” على استحضار القيم الانسانية في مقاومة الظلم، ويعرض في جناحه المرافق معطيات موثقة عن المجازر، وحصار الأطفال، واستشهاد المدنيين، والصمت الدولي، في موازاة تأكيده على أن النصر وعدٌ إلهي لا يخطئ.
ويعتبر “نداء الأقصى” مشروعًا تراكميًا يبني وعيًا جامعًا، ويعزّز ثقافة مقاومة التطبيع، ويربط فلسطين بقيم الأمة الجامعة، من مآذن العراق إلى صرخات غزة، ومن خيام النازحين إلى ساحات التضامن عبر العالم.
في عالم تتنازع فيه المصالح وتُهمَّش المظلوميات، يبقى “نداء الأقصى” تذكيراً دائمًا بأنّ فلسطين ليست هامشاً، بل قلب الأمة، وأنّ نصرتها ليست خياراً، بل فريضة، وأن من كربلاء إلى القدس، ما زال النداء يرتفع: “لبيك يا أقصى.”
اضف تعليقا