في غزّة، لا ينجو أحد من الحرب… حتى أولئك الذين لم يُولدوا بعد.. الحصار الخانق والقصف المتواصل لم يترك للنساء الحوامل سوى شبح المجاعة، ولا لأجنّتهن سوى مستقبلٍ مهدد قبل أن تبدأ الحياة.

في مشهد تتكثّف فيه المأساة، تُقدّر أعداد النساء الحوامل اللاتي يعانين من سوء التغذية الحاد ونقص الرعاية الطبية،  في قطاع غزة بنحو 60,000 امرأة، وفق تقارير إعلامية.

في ظلّ نظام صحي منهار، تلد الأمهات في خيامٍ أو ملاجئ، أو يُجبرن على الولادة في مشافٍ عاجزة لا تملك حتى أبسط أدوات التعقيم، بينما يصرخن تحت مشرط الجراحة في عمليات قيصرية بلا تخدير.

وقد وثّقت المنظمات الطبية أكثر من 128 حالة لتشوّهات خلقية لدى مواليد جدد، نتيجة غياب الغذاء والمكمّلات الأساسية أثناء الحمل. أجسادٌ صغيرة وُلدت ناقصة الأعضاء أو الوزن.

ولأن المأساة لا تقف عند هذا الحد، سجّلت وزارة الصحة انخفاضًا بنسبة 41% في عدد الولادات خلال النصف الأول من عام 2025، إنه جرس إنذار لجيل ضائع لم يُكتب له أن يرى النور، نتيجة الإجهاض وسوء التغذية وانهيار الخدمات الصحية.

هذه المعطيات ليست مجرد أرقام، بل شهادات دامغة على حرب تطال الأرحام، وتخنق الحياة من جذورها.

وفي ظل هذا الجحيم، يبقى السؤال: كم من الأطفال يجب أن يُولدوا مشوهين أو يموتوا جوعًا، حتى يعترف العالم أن ما يجري في غزة هو إبادة ممنهجة تستهدف استمرار الحياة نفسها؟

رغم كل شيء، ما تزال نساء غزة يلدن أطفالًا تحت الحصار، يضممنهم إلى صدور هزيلة، ويمنحن للعالم شهقة حياة من قلب الموت… شهقة لا يمكن إسكاتها.