في الوقت الذي تتزايد فيه تحذيرات الهيئات الدولية من شبح المجاعة في قطاع غزة، يبدو أن المأساة تجاوزت مرحلة التحذير إلى واقع ملموس يُسجَّل فيه الموت بالجوع كسبب رسمي للوفاة، وسط صمت دولي مريب، وعجز متعمد عن إنقاذ أكثر من مليوني إنسان محاصر.
جوع قاتل… وصمت مميت
الوضع الإنساني في غزة بلغ، وفق ما وصفه برنامج الأغذية العالمي، “مرحلة غير مسبوقة من التدهور”، حيث بات الناس يموتون حرفيًا بسبب الجوع. في مشهد غير مسبوق، يُدفن الفلسطينيون في غزة اليوم لا نتيجة القصف فقط، بل أيضًا لأنهم لم يجدوا رغيفًا يسد جوعهم.
برنامج الأغذية العالمي كشف أن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، فيما يُحرم قرابة ثلث سكان القطاع من الطعام لأيام متتالية، وهي أرقام تعكس عمق الكارثة التي تتفاقم مع استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات.
المساعدات تُغتال قبل أن تصل
ولم تقتصر الكارثة على غياب الغذاء، بل امتدت إلى استهداف من يطلبه. فقد عبّر البرنامج الأممي عن قلقه العميق إزاء المجزرة التي ارتكبها الكيان الغاصب بحق الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات في غزة، والتي أسفرت عن استشهاد 94 مواطنًا يوم أمس الأحد، وفق مصادر طبية، ليرتفع عدد ضحايا “مصائد الموت” إلى 995 شهيدًا و6,011 مصابًا منذ أواخر أيار/مايو، إلى جانب 45 مفقودًا ما يزال مصيرهم مجهولًا.
ورغم تسليط الضوء على هذه المجازر، فإن اعتداءات الكيان الغاصب ما زالت تلاحق الفقراء حتى على أبواب مراكز التوزيع، في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية، ونسف للمبادئ.
الطريق إلى الإنقاذ واضح… لكن الإرادة غائبة
في ظل هذا الانهيار، يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن السبيل الوحيد لاحتواء الكارثة يتمثل في زيادة هائلة في عمليات توزيع الغذاء، إلى جانب ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول آمن ومنتظم للمساعدات إلى مختلف أنحاء القطاع.
كما ناشد البرنامج المجتمع الدولي إلى الضغط على جميع الأطراف لضمان وصول المساعدات إلى العائلات المجوّعة، دون عوائق أو استهداف، مشددًا على أن الثقة بين الوكالات الإنسانية والمجتمعات المحلية باتت على المحك، في ظل الانتهاكات المتكررة للهدنات المزعومة.
مأساة غزة اليوم لا تحتاج إلى بيانات جديدة، بل إلى ضمير عالمي يستيقظ قبل أن يتحول الجوع إلى وسيلة قتل ممنهجة يُشرعنها العالم بالصمت.
اضف تعليقا