في ظل استمرار العدوان على غزة، يواصل الكيان الغاصب ومستوطنوه تصعيدًا غير مسبوق في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، عبر عمليات اقتحام يومية، وهدم وتجريف واسع، واعتداءات ممنهجة على السكان، ما أسفر عن ارتقاء شهداء وجرحى وتهجير مئات الفلسطينيين.
تصعيد عسكري ومداهمات شرسة
شهدت مدن الضفة، خصوصًا نابلس وجنين وطولكرم، اقتحامات عسكرية متكررة، رافقها اعتقال نشطاء وصحفيين ومواجهات مع الشبان. ففي جنين، استشهد الفتى ريان تامر حوشية (15 عامًا) برصاص الكيان الغاصب، في وقت حوّلت فيه القوات الاحتلال عددًا من المنازل إلى ثكنات عسكرية، وسط عمليات مداهمة واعتقالات جماعية.
طولكرم كانت على موعد مع تصعيد هو الأعنف منذ شهور، حيث تواصلَ الحصارُ العسكري المفروض على المدينة ومخيّمَيها لما يزيد عن الـ 150 يوم على التوالي، وبلغت المباني المهدمة خلال أسبوعين أكثر من 50، ضمن مخطط يهدف لتفريغ المخيمات من سكانها عبر سياسة التهجير القسري.
منازل تتحول لثكنات عسكرية
في تطور خطير، يتبع الكيان الغاصب سياسة تحويل منازل الفلسطينيين إلى مواقع عسكرية بالقوة. ففي اللبن الشرقية قرب نابلس، استولى الكيان الغاصب على منزل، كما حدث في بلدة حزما قرب القدس. وتوثّق تقارير فلسطينية حالات إخلاء قسري واعتداءات وسرقة متعلقات شخصية خلال هذه العمليات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
تسارع عمليات الهدم والتجريف
بالتوازي، تواصل جرافات الكيان الغاصب هدم المنازل الفلسطينية في مختلف المناطق بحجة “البناء غير المرخص”، رغم أن سلطات الاحتلال تضع شروطًا تعجيزية أمام الفلسطينيين لاستصدار رخص البناء. ففي سلفيت، هدم مشتل زراعي بالكامل؛ وفي رام الله، جُرفت أراضٍ زراعية وتمت مصادرتها لأغراض توسعة المستوطنات.
كما شهدت بيت لحم اقتلاع عشرات أشجار الزيتون، وفي الخليل جرى تهجير عشرات السكان بعد تدمير تجمع سكني كامل في مسافر يطا. وتفيد تقارير أممية بأن الكيان الغاصب هدم أكثر من 680 منشأة منذ مطلع 2025، معظمها مأهولة، مما ضاعف عدد المهجّرين مقارنة بالعام الماضي.
في القدس المحتلة وحدها، هدم الكيان الغاصب أكثر من 620 منزلًا ومنشأة منذ أكتوبر 2023، حيث يُجبَر أبناء القدس على الهدم الذاتي لمنازلهم لتفادي الغرامات الباهظة، في وقت لا تتجاوز فيه نسبة الموافقة على رخص البناء للفلسطينيين 2%.
كما شكّل استشهاد المُسنّة زهيّة العبيدي (66 عامًا) في مخيم شعفاط برصاص الكيان الغاصب أمام منزلها فجرًا جريمة صادمة، أثارت استنكارًا واسعًا، خصوصًا أن السيدة لم تكن تشكّل أي تهديد.
إرهاب المستوطنين… ذراع ثانية للعدوان
تزامنًا مع عدوان الكيان الغاصب، صعّد المستوطنون من اعتداءاتهم الإرهابية، أبرزها هجوم دموي على بلدة كفر مالك شرق رام الله، أسفر عن استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 7 آخرين، وسط حرق لمنازل وسيارات، واعتداءات مسلحة تحت حماية جيش الكيان الغاصب.
كما اقتلع مستوطنون نحو 150 شتلة زيتون من أراض قرب قرية سوسيا جنوب الخليل.
ووثّقت منظمات حقوقية سلسلة اعتداءات أخرى شملت تجريف أراضٍ، وتسميم محاصيل، وردم آبار، واقتلاع أشجار، وتسييج أراضٍ في الأغوار والضفة. وتشير معطيات أممية إلى إصابة 58 فلسطينيًا وتهجير 67 آخرين خلال أسبوعين فقط نتيجة هذه الاعتداءات، في موجة عنف يُنظر إليها كسياسة موجهة من الكيان الغاصب.
أرقام صادمة ونداءات عاجلة للحماية الدولية
منذ 7 أكتوبر 2023 حتى نهاية حزيران 2025، استشهد 981 فلسطينيًا في الضفة والقدس، وأُصيب نحو 7,000 آخرين، وجرى اعتقال أكثر من 17,500، بينهم نساء وأطفال، في حملة قمع غير مسبوقة.
وتشير تقارير أممية إلى أن سياسات الكيان الغاصب في الهدم والتهجير قد ترقى إلى “جريمة تطهير عرقي”، وسط تحذيرات من انفجار شامل إذا لم يتدخل المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.
وسط هذه التطورات، يواجه الفلسطينيون في الضفة والقدس واقعًا أشبه بساحات حرب يومية، حيث الاقتحامات والرصاص، والدمار والتشريد، والجنود والمستوطنون يعيثون في الأرض فسادًا بلا رادع. ومع استمرار هذا المسار، تتعاظم المخاوف من انفجار واسع يهدد الاستقرار الإقليمي، في ظل غياب أي أفق للحل وغياب محاسبة الاحتلال على جرائمه المتواصلة.
اضف تعليقا