يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية خانقة بسبب حصار شامل فرضه الكيان الغاصب منذ مطلع مارس/آذار 2025، أدى إلى انقطاع شبه كامل للمساعدات الغذائية والطبية.
وقد حذرت هيئات دولية من خطر انتشار المجاعة في القطاع الذي يعاني حصار خانق منذ سنوات عديدة، ما انعكس سلبًا على الصحة الفردية وانعدام الأمن الغذائي.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود أن 100% من السكان في غزة معرّضون لخطر المجاعة بسبب الحصار، واستمرار إغلاق المعابر، فيما تقف الآن أكثر من116,000 طن من المساعدات الغذائية على الحدود (تكفي لإطعام مليون شخص أربعة أشهر) دون إدخالها، وهو ما زاد من انعدام الأمن الغذائي.
وتشير تقارير الإغاثة إلى أن 80% من الأسر تعتمد على المساعدات، وأن 8 من كل 10 أسر قد لا تجد طعاماً لها إذا استمر الحصار.
استهداف المدنيين في مواقع التوزيع
في ظل الأزمة الغذائية الحادة، أصبح الوصول إلى المساعدات محفوفاً بالمخاطر. حيث ارتقى 27 مدنياً وأصيب العشرات برصاص جيش الاحتلال أثناء توجههم إلى نقطة توزيع مساعدات في رفح فجر 3 يونيو 2025. وتُعد هذه المجزرة الثالثة من نوعها خلال ثلاثة أيام، بعد ارتقاء 32 فلسطينياً في مجزرة مماثلة يوم الأحد 1 يونيو.
وأدانت منظمات دولية هذه المجازر، حيث وصفت منظمة أطباء بلا حدود النظام الجديد لتوزيع المساعدات بأنه لا إنساني وخطير وعاجز بعد أن تسبب في استشهاد وجرح مدنيين كان يمكن تجنبها. وقالت المنظمة:” إن عشرات الفلسطينيين يُقتلون في مواقع توزيع المساعدات التي تشرف عليها الولايات المتحدة و”إسرائيل”, محذّرة من أن هذا النمط بات ممنهجاً وخطيراً.
واعتبرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن هذه الحوادث المتكررة غير مقبولة، وأن عرقلة وصول الغذاء طواعية قد تشكل جريمة حرب”. كما دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى فتح تحقيق مستقل عاجل في قتل المدنيين في رفح، مؤكداً أن “الهجمات الموجهة ضد المدنيين تشكل خرقاً خطيراً للقانون الدولي وجريمة حرب”.
الموقف الدولي والحقوقي
تدقّ الهيئات الإنسانية والدولية ناقوس الخطر، محذّرة من أن السياسات القائمة في قطاع غزّة تمضي بالمنطقة نحو كارثة إنسانية محققة. فالجوع وسوء التغذية لم يعودا مجرد تهديد، بل تحوّلا إلى واقع يومي قاسٍ يعيشه أطفال القطاع، وفق ما أكّدته المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين رَسِل، التي طالبت برفع الحصار فورًا وإتاحة المجال أمام تدفّق الإغاثة.
المنظمات الدولية، وفي مقدّمتها برنامج الأغذية العالمي واليونيسف، جدّدت تأكيدها على الجاهزية الكاملة لتوزيع المواد الغذائية المخزّنة عند المعابر، مشيرة إلى أن التأخير الوحيد يأتي بفعل الحظر المفروض على دخول المساعدات، رغم الجوع المتفاقم والخطر المحدق بمئات الآلاف.
في ظل هذا المشهد، تبرز خطورة استهداف المدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات – كما حدث مرارًا في رفح وغرب غزّة – بوصفه جريمة مزدوجة ضدّ الجائعين والإنسانية معًا. وقد جاء في تقرير حديث للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أن “منع وصول الغذاء عمداً إلى المدنيين قد يرقى إلى جريمة حرب”، وهي إشارة صريحة تُحمّل الكيان الغاصب مسؤولية مباشرة عن هذه المأساة المتواصلة.
إن العالم أمام اختبار أخلاقي حقيقي.. بين من يفرض الجوع سلاحًا، ومن يسعى لإيصال لقمة الخبز إلى من يستحقّها. والمطلوب اليوم ليس بيانات جديدة، بل خطوات عاجلة تُنقذ من تبقى على قيد الحياة في غزة المحاصرة.
اضف تعليقا