في خضم حرب الإبادة لاجماعية على غزة، برزت حملات مقاطعة فاعلة تستهدف شركات عالمية تدعم العمليات العدوانية للكيان الغاصب على الشعب الفلسطيني. هذه الحملات، التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أثرت بشكل ملحوظ على عمالقة الوجبات السريعة والمشروبات مثل ماكدونالدز، ستاربكس، وكنتاكي.
في أغسطس 2024، أفادت مصادر صحفيّة أن ستاربكس تكبّدت خسائر عالمية تُقدّر بـ11 مليار دولار، مع انخفاض صافي الدخل بنسبة 15% في الربع الأول من العام. هذا التراجع جاء نتيجة مباشرة لحملات المقاطعة التي قادها نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى انخفاض حاد في المبيعات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ماكدونالدز لم تكن بمنأى عن هذه العاصفة، ففي فبراير 2024، أعلنت الشركة عن أول خسارة فصلية في المبيعات منذ ما يقرب من أربع سنوات، حيث تراجعت المبيعات العالمية بنسبة 4%، مع تأثيرات واضحة في أسواق مثل ماليزيا وإندونيسيا وفرنسا. هذا التراجع نُسب إلى حملات المقاطعة التي اندلعت بعد تقارير عن تقديم فروع ماكدونالدز في الكيان الغاصب وجبات مجانية لجنود الاحتلال.
كنتاكي، بدورها، شهدت تأثيرات ملموسة؛ ففي الجزائر، أُغلق أول فرع للعلامة التجارية مؤقتًا في أبريل 2024 بسبب الرفض الشعبي للعمليات العدوانية في غزة. وفي ماليزيا، اضطر أكثر من 100 فرع لكنتاكي إلى الإغلاق المؤقت.
وفي 8 فبراير 2025، أعلنت “يام براندز” المالكة لـ”كنتاكي” عن إنهاء اتفاق الامتياز مع المشغل التركي “إيش غذاء”، مما أدى إلى إغلاق 537 فرعًا وإفلاس المشغل مع ديون بلغت 7.7 مليار ليرة تركية (حوالي 214 مليون دولار).
في حين، أغلقت مجموعة “ماجد الفطيم” عمليات “كارفور” في سلطنة عمان في 7 يناير 2025، وأعلنت عن إنهاء شراكتها مع “كارفور” في الأردن بعد ضغوط المقاطعة.
هذه الأرقام والإحصائيات تعكس بوضوح القوة المتنامية للمستهلكين في التأثير على سياسات الشركات العالمية. حملات المقاطعة، التي بدأت كنداءات فردية، تحولت إلى حركات جماهيرية قادرة على إحداث تغييرات جذرية في استراتيجيات الشركات، مما يبرز أهمية الوعي الاستهلاكي في تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.
وتبدو هذه الحملات كصرخة جماعية تعبر عن رفض الظلم والتضامن مع المظلومين. وتجسيد لروح الإنسانية التي تتجاوز الحدود واللغات، حيث يتحد الناس ليقولوا “لا” للظلم والاضطهاد، وتتحول قرارات الشراء اليومية إلى أفعال مقاومة سلمية، تُظهر أن التغيير ممكن عندما يتحد الناس من أجل قضية عادلة.
في الختام، تُظهر حملات المقاطعة أن المستهلكين ليسوا مجرد أرقام في معادلات الربح والخسارة، بل هم قوة قادرة على توجيه دفة السياسات العالمية نحو العدالة والإنصاف. إنها دعوة لكل فرد لإدراك تأثير قراراته اليومية، وللشركات لإعادة النظر في ممارساتها وسياساتها، لأن العالم يراقب، والضمير العالمي لا ينام.
اضف تعليقا