موجة من ردود الأفعال العربية والدولية أثارتها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته الرامية إلى تهجير 2.2 مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى والسيطرة على القطاع.

هذه الخطة، التي أُطلق عليها مفردة “تطهير” غزة من سكانها جاءت بعد حرب إبادة جماعية استمرت 15 شهرًا دمّر فيها الاحتلال أكثر من 70% من البنية التحتية في القطاع المحاصر أصلاً وهجّر قرابة مليوني شخص من منازلهم.

خطة ترامب صعبة المنال، بصعوبة كسر أهل غزّة وتمسك أهل الأرض بأرضهم فلا شيء للفلسطيني سوى أرضه، لا شيء غير ذلك التراب المجبول بالدم، دفن الغزاويون بها فيه أحبّتهم وبقيت ذكرياتهم راسخة رسوخ الجبال أنّهم عائدون لبنائها من جديد، ولأنها كذلك يتشبثون بها تشبث الطفل بأمه.

شواهد تاريخية كثيرة، تثبت للعالم مدى تمسّك أبناء الأرض بقضيتهم، وفشل كل السياسات الرامية لتهجيرهم ونزع حق العودة إلى وطنهم وحلمهم بتحرير كامل الأرض الفلسطينية.

فكرة تهجير الفلسطينيين لم تكن وليدة أفكار ترامب وأحلامه أو أنها تمخّضت عن حرب الإبادة الجماعية في غزة، بل كانت موجودة من قبل وفي كل مراحل قيام هذا الكيان على أرض فلسطين المحتلة.

تمثل فكرة التطهير العرقي جوهر قيام المشروع الصهيوني، فمنذ تأسيس الكيان حاول مراراً تطبيق قرارات التهجير بحق أبناء فلسطين، وتوطينهم في دول وبلدان أخرى، لا سيما بداية من عام 1953، فيما عرف حينها بـ “خطة سيناء” التي اقترحها الاحتلال بدعم أمريكي لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية وتواطأت وقتها الأونروا لتحقيق الخطة تحت حجة أنّ قطاع غزّة لا يصلح للسكن على المدى الطويل، وأفشلها أهل غزّة بما عرف وقتها بـ “هبة آذار”.

وكذلك “مشروع الجزيرة” شمال سورية، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سورية والعراق، و”مشروع جونسون” لتوطين الفلسطينيين الموجودين بالضفتين الشرقية والغربية حول نهر الأردن.

وخطة شارون عام 1970، لتفريغ قطاع غزّة من سكانه عبر عزل القطاع وتشديد القبضة الأمنية عليه وتفجير آلاف المنازل وتهجير عشرات الآلاف إلى سيناء والعريش في مصر، وأيضاً أفشلها ثبات أهل غزة.

لتؤكد هذه الشواهد على مدى إصرار أبناء الأرض بالتمسك بأرضهم مهما تحمّلوا من ضغوطات وعناء ومهما تمّت محاربتهم ليقولوا كلمتهم، نحن أبناء هذه الأرض نبقى فيها أو نموت على ثراها.

وتواجه خطة ترامب رفضاً واسعاً، يؤكّد استحالة تنفيذها، إذ شدّدت منظمة العفو الدولية على أنَّ مقترحات الرئيس الأميركي “عبثية”، وليست أخلاقية ولا شرعية، ورفضت عدم إنسانية مقترح ترامب وسخريته من حق الشعوب في تقرير المصير، وقال المفوّض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إنَّه من الصعب جدّا التعليق على مشروع السيطرة على غزة ونقل سكان القطاع الذي طرحه ترامب كما إنّه “مفاجئ للغاية”.

من جهتها دعت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين للتحرك العاجل عبر مراسلة الحكومات والمنظمات الدوليّة والمؤسسات الحقوقيّة لاتخاذ إجراءات عملية لتجريم محاولات تهجير الشعب الفلسطيني مجدداً وعدم الاكتفاء بالإدانة اللفظية، وتوجيه رسائل إلى وسائل الإعلام لإدانة المسؤولين عن هذه الدعوات، ودعوة النقابات والاتحادات المهنيّة لتنظيم الندوات والفعاليات المتناسبة مع خطورة هذه الدعوات.

كما دعت الحملة إلى تنظيم الاحتجاجات الشعبية والفعاليات الميدانية للتأكيد على رفض أحرار العالم لمخططات التهجير، وتصعيد حملات مقاطعة الكيان الغاصب، والشركات الداعمة له، لزيادة الضغط الاقتصادي عليه.