في المدينة التي تشهد على نكبة لم تنتهِ، تتلاشى ملامح مؤسسة وُجدت لإغاثة اللاجئ (الأونروا)، لتجد نفسها اليوم لاجئةً أمام واقع من القهر والاستهداف.

في محاولته لطمس كل بصيص أمل، يسعى الكيان الغاصب اليوم إلى إنهاء وجود الأونروا، آخر ما تبقى من مظلة دولية تحمي اللاجئين وحقوقهم.

حيث تقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” على مشارف إنهاء عملياتها في مدينة القدس المحتلة، وإخلاء جميع مبانيها مع دخول الحظر الذي فرضه الكيان على الوكالة حيز التنفيذ اليوم الخميس 30 كانون الثاني/يناير 2025.

جاء قرار حظر الأونروا في القدس المحتلة بعد تصويت داخل كنيست الاحتلال، حيث أيده 92 عضواً، في أعقاب اتهامات متكررة من حكومة الكيان لموظفي الوكالة بالتواطؤ مع المقاومة خلال طوفان الأقصى منذ 7 أكتوبر 2023.

وفي حي الشيخ جراح، يستعد موظفو الوكالة لإخلاء مكاتبهم، حيث بدأوا منذ أيام بتوضيب مقتنياتهم استعداداً للرحيل. ويُعد المقر هناك نقطة ارتكاز رئيسية لعمل الأونروا في الضفة الغربية، إذ يشرف على الخدمات المقدمة للاجئين في 19 مخيماً، إضافة إلى أنه يضم مكتب المفوض العام وعدداً من المكاتب الإدارية التي تنسق عمل الوكالة في المنطقة.

من جهتها، نفت الأونروا مراراً عبر صفحتها الرسمية هذه الادعاءات، مؤكدة أن الاحتلال لا يملك أي أساس قانوني لمنعها من مواصلة عملها، كما حذرت من تصعيد الهجمة ضد الوكالة، مشيرة إلى أن الخطاب العدائي الذي يروّجه الاحتلال يعرض موظفيها ومرافقها للخطر أينما وُجدت.

كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن إغلاق الوكالة سيعيق بشدة تقديم المساعدات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إنَّ رحيل الأونروا عن القدس المحتلة ليس مجرد إخلاء مبانٍ أو إغلاق مكاتب، بل هو صفحة أخرى تضاف إلى سجل النكبة المستمرة، حيث يسعى الكيان إلى وأد الذاكرة وإلغاء كل ما يرمز إلى حق العودة.

فماذا بعد ؟

هل يشكّل الحظر على الأونروا مقدمةً لتصفية قضية اللاجئين؟

وكيف سيواجه اللاجئ الفلسطيني هذا الاستهداف الممنهج لوجوده وحقوقه ؟

وهل يصمد العالم أمام هذه المحاولات، أم يتواطؤ بالصمت، كما فعل مراراً ؟