في عالم تتقاطع فيه الآلام والآمال، وتتنازع فيه الروايات بين قمع الحقيقة ومحاولة إحيائها، تطل علينا الذكرى الحادية عشرة لتأسيس الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين.

لم تكن هذه الحملة يومًا مجرد إطار تنظيمي أو منصة للتضامن العابر، بل كانت حركة نضالية عميقة الجذور تسعى لاستعادة حق تاريخي طال إنكاره: حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم التي أُبعدوا عنها قسرًا.

ميلاد الحملة في زمن الانكسار

انبثقت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين من قلب المأساة الفلسطينية التي دخلت عقدها السابع، في وقت بدا فيه أن الضمير العالمي ينحرف بعيدًا عن جوهر القضية. حينها، رأت مجموعة من الناشطين والحقوقيين أن إعادة إحياء حق العودة ليس مجرد قضية إنسانية، بل معركة وعي عالمي تُبنى على ركيزة الحقيقة والعدالة.

 

رؤية متجددة ونضال لا ينقطع

على مدار أحد عشر عامًا، تمكنت الحملة من نسج شبكة واسعة من التضامن عبر العالم، تجاوزت الحواجز الجغرافية والسياسية لتصل إلى قلوب الشباب والجامعات والمؤسسات الحقوقية. لم تكتفِ بالدعوة إلى التضامن، بل قادت جهودًا حثيثة لكسر عزلة القضية الفلسطينية، واستعادة مركزيتها في المشهد الإنساني الدولي.

 

التحديات: حين تصبح العدالة عدوًا للأقوياء

لكن طريق الحملة لم يكن يومًا مفروشًا بالورود. فقد واجهت تضييقات قانونية، وحظرًا رقميًا ممنهجًا على المحتوى الفلسطيني، في محاولات مكشوفة لطمس الحقائق. ومع ذلك، أثبتت الحملة قدرتها على المقاومة، ليس فقط من خلال توسيع قاعدة داعميها، بل عبر تحويل هذه التحديات إلى حوافز جديدة للعمل.

 

إنجازات لا تعرف الحدود

لم تكن إنجازات الحملة محصورة في تنظيم الفعاليات أو نشر البيانات، بل تجاوزتها إلى بناء منظومة تضامن دولي قادرة على إحداث فارق ملموس. فمن توثيق جرائم الاحتلال ودعم المبادرات القانونية لمحاكمة قادته، إلى تعزيز حركة المقاطعة الاقتصادية ومساندة مشاريع إعادة الإعمار، نجحت الحملة في أن تكون منارة تُرشد العالم نحو فلسطين.

نحو المستقبل: استحقاقات لا تحتمل التأجيل

الذكرى الحادية عشرة ليست مجرد محطة للتأمل، بل هي لحظة لتقييم المسار وإعادة صياغة الأولويات. أمام الحملة اليوم أعباء جسيمة، تتجاوز حدود التضامن التقليدي، لتشمل:

1- تصعيد الحضور الإعلامي: لكسر الحصار الرقمي ومواجهة التزييف المنهجي للحقائق.
2- إحياء الدبلوماسية الشعبية: عبر إشراك مزيد من الأصوات الحرة في النضال من أجل العدالة.
3- تعزيز العمل القانوني الدولي: لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب أمام العدالة الدولية.
4- دعم إعادة الإعمار بحفظ الكرامة: لضمان ألا يكون الدمار مدخلًا لاستغلال الشعب الفلسطيني أو فرض التنازلات عليه.

حين يصبح الحلم مسؤولية الجميع

في زمن تعاظمت فيه معاناة الشعب الفلسطيني، وأصبح الحصار والدمار جزءًا من حياته اليومية، تقدم الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين درسًا ثمينًا في الالتزام بالقضايا العادلة.
إن ذكرى تأسيسها الحادية عشرة ليست مجرد مناسبة للاحتفاء، بل دعوة لتجديد العهد بأن فلسطين ستبقى حية في ضمير العالم. وبينما تستمر معركة الوجود، فإن حق العودة يظل القضية الأعمق والأكثر تعبيرًا عن جوهر النضال الفلسطيني. فليكن لنا جميعًا نصيب في حمل هذا الحلم، والعمل لتحقيقه مهما بدت الطرق وعرة.