منذ الأزل، تتناقل الشعوب راية النضال كأنها نار لا تنطفئ، تُشعلها قلوب الأحرار، وتُحييها أرواح الثائرين الذين أبت ضمائرهم أن تنحني لظلم أو استبداد بغض النظر عن الجغرافيا أو اللغة.

‎من كراكاس إلى شوارع غزة، يتشابك النضال الفلسطيني مع وجدان قادة أمريكا اللاتينية، الذين رأوا في فلسطين قضية أمة بأكملها، تمثل رمزاً عالمياً للمقاومة والصمود.

‎ونحن اليوم، على بعد أيام من انطلاق أعمال المؤتمر الدولي للتضامن مع فلسطين في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، نستحضر مواقف هؤلاء القادة الذين ربطوا نضالهم المحلي بنضال الشعب الفلسطيني.

هذا المؤتمر الذي ينظم بالتعاون ما بين الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، ومعهد سيمون بوليفار للسَّلام، والرابطة اللاتينية للعودة إلى فلسطين، يأتي في لحظة تاريخية حساسة، حيث تواجه غزة حرب إبادة غير مسبوقة، وتتصدى الضفة والجنوب اللبناني لعدوان صهيوني شرس.

‎فلسطين في فكر قادة أمريكا اللاتينية

‎حين نعود بالذاكرة إلى تلك الزيارة التاريخية التي قام بها الثائر الأممي تشي غيفارا إلى قطاع غزة عام 1959، نجد أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة في عقل ووجدان هذا المناضل منذ اللحظة الأولى.
كانت زيارته تعبيراً عن رؤية ثورية تتجاوز حدود الوطن، وتجسد مفهوم التضامن الأممي، حيث قال: “قضية فلسطين ليست قضية شعب، بل هي قضية كل الشعوب المناضلة ضد الاستعمار والإمبريالية”.

‎لم تكن زيارة غيفارا مجرد محطة عابرة، بل مثلت إشارة رمزية إلى وحدة النضال الإنساني ضد الظلم والاستبداد. ومن بعده جاء القادة اللاتينيون، أمثال فيديل كاسترو وهوغو تشافيز، ليؤكدوا هذا الموقف، مستمدين من إرث سيمون بوليفار روحاً ثورية تستمد قوتها من المقاومة والصمود.

‎المؤتمر: منصة لنقل رسالة الحرية

‎تحت شعار “بالمقاومة نحيا وننتصر”، يشكل هذا المؤتمر تذكيراً عالمياً بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع محلي، بل رمزاً للكفاح ضد هذا العدو الغاشم الذي لا يزال يعصف بعالمنا.

‎ويأتي المؤتمر في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، في 29_30/11/2024، حيث يلتقي نشطاء من مختلف أنحاء العالم، ليؤكدوا أن صمود غزة والضفة هو امتداد لصمود الشعوب الأصلية التي أبيدت بفعل الاستعمار، ولإرث المناضلين الذين دفعوا حياتهم ثمناً للحرية.

هذا المؤتمر هو أيضاً تذكير بأن فلسطين لم تكن يوماً قضية محلية، بل صوتاً عالمياً لكل المظلومين، وهو يعيد التأكيد على:

1. تعزيز التضامن العالمي مع المقاومة الفلسطينية.

2. إحياء دور شعوب أمريكا اللاتينية في مواجهة الإمبريالية، متصلة بإرث تشافيز وكاسترو وغيرهم من القادة.

3. محاسبة الاحتلال على جرائمه الممتدة منذ النكبة وحتى اليوم.

4. تعزيز حركة المقاطعة بكل أشكالها.

ختاماً، نحن على موعد مع لحظة تاريخية تذكرنا بأن الثورة تبدأ بفكرة، وتستمر بتضحيات، وأن فلسطين ليست وحيدة، ولن تكون أبداً.
على هذه الأرض التي تسكنها أرواح الشهداء وذاكرة الثوار، تقف غزة كطائر يرفض أن يموت، وعلى جبال فنزويلا التي احتضنت حلم بوليفار وتشافيز والعديد من الثوار، يرتفع صوت فلسطين لتذكير العالم بأن الحرية لا تتجزأ، وأن المقاومة حياة، وبالمقاومة نحيا وننتصر بإذن الله.