المجرم، مهما امتدت به الأيام، سيجد حتفه ينتظره عند منعطف الزمن.

لا سلطة القوة، ولا زيف الحصانة، يمكن أن تحميه من عدالة السماء وأحكام التاريخ.

العدالة قد تتأخر، لكنها لا تضيع، لأن كل قاتل استباح دماء الأبرياء، وتلذذ بصراخ الأطفال تحت الركام، ونكّل بالنساء، سينتهي به المطاف إلى القصاص.

اليوم، تتجه الأنظار إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت، يوم أمسالخميس، مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” ووزير جيشه السابق “يوآف غالانت”. هذه التهمة ليست مجرد كلمات تُقال؛ إنها تجسيد لمعاناة أجيال، ولمجازر ارتُكبت، وأطفال جاعوا وماتوا تحت الحصار.

رغم ذلك تفاوتت التصريحات الدولية بين مرحّبة بهذه الخطوة، وأخرى تتنصل منها، مما يكشف الوجه الحقيقي للعالم: بين من يقف مع مبادئ الإنسانية، ومن يبرر انتهاكها لأنه كان يدعمها ويقف بجانبها.

على سبيل المثال لا الحصر، كانت إيرلندا أولى الدول التي رحبت بهذه المذكرة؛ حيث دعا رئيس الوزراء الإيرلندي، سيمون هاريس، إلى احترام دور المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرتي اعتقال ضد رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” ووزير جيشه السابق “يوآف غالانت” بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وبينما اعتبرت فرنسا أن رد فعلها على القرار سيكون متوافقاً مع مبادئ المحكمة؛ فقد أبدت هولندا استعدادها لتنفيذ أمر المحكمة؛ وكذلك أكدت بلجيكا امتثالها للقرار. إضافة إلى العديد من الدول الغربية والعربية التي رحبت بهذا القرار.

في هذا السياق، جاء تعليق رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الدكتور رامي عبده: “إن المتهمَين الآن مطلوبان رسمياً بسبب حرمان المدنيين في غزة عمداً من الغذاء والمقومات الأساسية الأخرى، مما أدى إلى معاناة شديدة وموت العديد من الفلسطينيين. ولم يعد بإمكان أي دولة الادعاء بأن ‘إسرائيل’ لا تنتهك القانون الدولي، أو أنها توفر مساعدات إنسانية كافية لقطاع غزة”.

في المقابل، اعتبر مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بأي مصداقية، وهدد برد قوي في كانون الثاني/يناير على ما وصفه بتحيزها المعادي للسامية.

وكانت جمهورية جنوب إفريقيا قد رحبت بمذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية. وأوضحت وزارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، يوم أمس الخميس، أن “جنوب أفريقيا تؤكد مجددًا التزامها بالقانون الدولي، وتدعو جميع الدول إلى التصرف وفقًا لمبادئ القانون الدولي”.

والجدير بالذكر أن دولة جنوب أفريقيا كانت قد رفعت دعوى، أواخر العام الماضي، أمام محكمة العدل الدولية ضد الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الغاصب في غزة. كما قام سفير العودة وعضو الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، عضو البرلمان الأوروبي “مانويل بينيدا” قد حمل، رفقة الناشطة الحقوقية والخبيرة في القانون الدولي “رانيا ماضي”، يوم الثلاثاء ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤، إلى المحكمة الجنائية الدولية الملفات والوثائق التي تدين الكيان الغاصب بارتكاب جرائم يومية بحق أهلنا في قطاع غزة وسائر المدن الفلسطينية الأخرى، بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.