مقال رأي لعضو الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين. محمد النمر. ألمانيا


ما منذ أن بدأت موجات الهجرة الفلسطينية إلى ألمانيا قبل نحو خمسين عامًا، واجه الفلسطينيون تحديات كبيرة على الصعيدين الإنساني والقانوني. عانى هذا المجتمع من سياسات التهميش والتمييز التي طالت جميع جوانب حياتهم، من الإقامة إلى التعليم والعمل، وحتى حق التعبير عن الرأي.

الإقامة: بداية المعاناة

حتى منتصف الثمانينات، لم يُمنح الفلسطينيون المقيمون في ألمانيا إقامة قانونية دائمة، مما أدى إلى حالة من انعدام الأمن والاستقرار. كثير منهم عاشوا لسنوات كأشخاص بلا وضع قانوني واضح، يواجهون التهديد المستمر بالترحيل.

التعليم: حق محروم

لم يُسمح للفلسطينيين في ألمانيا بالالتحاق بالجامعات أو حتى بممارسة المهن الحرفية بسهولة. تعلم اللغة الألمانية، وهو شرط أساسي للاندماج، كان على حسابهم الخاص، في وقت لم تُقدَّم فيه أي مساعدات لدعمهم في هذا الجانب.

العمل: أذونات وأبواب مغلقة

الحصول على فرصة عمل كان تحديًا كبيرًا، حيث كان الفلسطينيون بحاجة إلى إذن خاص للعمل، وغالبًا ما كانت الشّركات الألمانية ترفض توظيفهم بسبب هويتهم الفلسطينية. هذا التمييز جعل الكثيرين يعيشون في ظل ظروف اقتصادية صعبة.

الضغط السياسي والإعلامي

لم تتوقف السياسة الألمانية والإعلام عن وضع التهم الجاهزة ضد الفلسطينيين. التغطيات الإعلامية غالبًا ما كانت متحيزة، تصوّر الفلسطينيين بشكل سلبي، وتربطهم دون دليل بأعمال العنف أو الإرهاب.

حرية الرأي: قمع واستهداف

يواجه النشطاء الفلسطينيون في ألمانيا تضييقات مستمرة على حرية التعبير. تُمنع الفعاليات والمؤتمرات التي تدعم القضية الفلسطينية، في تناقض صارخ مع المبادئ المعلنة لحرية التعبير في ألمانيا.

إنجازات رغم التحديات

ورغم كل هذه التحديات، نجح الفلسطينيون في ألمانيا في بناء حياة لأنفسهم. رجال أعمال، مهندسون، أطباء، أصحاب متاجر، وحتى جمعيات ومؤسسات ثقافية ورياضية. أسسوا مدارس لتعليم اللغة العربية، وأنشأوا مشاريع تخدم المجتمع الفلسطيني وتحافظ على هويته.

برلين: عاصمة الشتات الفلسطيني في أوروبا

تُعتبر برلين موطنًا لأكبر تجمع فلسطيني في أوروبا. ورغم التحديات والانقسامات السياسية، يسعى العديد من الفلسطينيين في برلين إلى تأسيس جالية موحدة قائمة على أسس سليمة، بعيدة عن الانقسامات والصراعات الداخلية.

رؤية لمستقبل الجالية الفلسطينية

يطمح الفلسطينيون في برلين إلى بناء جالية تمثلهم وتدافع عن حقوقهم، جالية تدحض افتراءات الإعلام الألماني والسياسات الموجهة ضدهم. جالية تخدم المجتمع الفلسطيني وتكون سندًا للأفراد في مواجهة التحديات، مع الحفاظ على الهوية الفلسطينية.

نداء للألمان: الإنصاف والاحترام

إن استمرار الضغط السياسي والتضييق الإعلامي على الفلسطينيين في ألمانيا لا يخدم سوى تعزيز التفرقة وإدامة الظلم. على الألمان أن يراجعوا مواقفهم وسياساتهم تجاه هذا المجتمع، وأن يتيحوا له مساحة للتعبير عن قضاياه وإسهاماته في المجتمع الألماني.

الفلسطينيون في ألمانيا ليسوا مجرد جالية مهاجرة، بل هم مجتمع حيّ يحمل قضية عادلة، يسعى للاندماج دون أن ينسى جذوره وهويته الوطنية.
شبكة التواصل الفلسطيني في برلين