منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت حصار خانق وعدوان غاشم فرضه الكيان الغاصب، في واحدة من أفظع صور الإبادة الجماعية التي عرفها التاريخ الحديث. هذا العدوان ليس مجرد هجوم عسكري، بل هو حرب إبادة شاملة تطال الإنسان والأرض والسماء، عبر أشكال متعددة من العذاب لا تقتصر على القصف والدمار، بل تشمل أيضاً حرب تجويع مدمرة، تهدف إلى كسر إرادة وعزيمة شعبنا الفلسطيني.

في هذا المشهد المأساوي، تأتي تقارير لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، لتسلط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يرزح تحت وطأتها القطاع، حيث تكاد المساعدات الإنسانية تكون شحيحة وسط تفاقم الأزمة.

وقد أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، التي قرر الكيان الغاصب حظر أنشطتها في الأراضي المحتلة، أن وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة “غير كافٍ” في مواجهة الوضع “الكارثي” في القطاع.

وأشارت المسؤولة في “أونروا” لويز ووتردج إلى أن “المساعدات التي تدخل قطاع غزة وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر. وبلغ المتوسط لشهر تشرين الأول/ أكتوبر 37 شاحنة يومياً عبر قطاع غزة بأكمله”. وشدّدت على أن “37 شاحنة يومياً لسكان يبلغ عددهم 2.2 مليون نسمة، يحتاجون إلى كل شيء، هذا ليس كافياً البتة”.

وذكّرت ووتردج “بأن تقريراً صادراً عن إطار التصنيف المتكامل للأمن الغذائي (Integrated Food Security Phase Classification) قد حذّر قبل بضعة أيام من احتمال وشيك وكبير لحدوث مجاعة في شمال غزة”.

وقالت: “بينما نتلقى شهادات لأشخاص على الأرض يستجدون فتات الخبز أو الماء، لا تزال الأمم المتحدة ممنوعة من الوصول إلى هذه المنطقة، ولم يُسمح بدخول أي طعام لمدة شهر كامل إلى المنطقة المحاصرة في شمال غزة. وقد رُفضت جميع الطلبات التي قدمتها الأمم المتحدة للوصول إلى هذه المنطقة”.

من جهته، حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، منذ أيام، من احتمال حدوث مجاعة في شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أن “إسرائيل” استخدمت الجوع سلاحاً، إذ تحرم الناس في غزة من الأساسيات، بما في ذلك الطعام للبقاء على قيد الحياة.

وبيّن لازارينيإن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة ليست كافية، وهي بمتوسط يزيد قليلاً عن 30 شاحنة يومياً، بما يمثل نحو 6% فقط من الاحتياجات اليومية للفلسطينيين”.

والجدير بالذكر أنَّ الكنيست الصهيوني كان قد أقر بشكل نهائي قانوناً يحظر نشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” داخل الأراضي المحتلة، وذلك رغم التحذيرات الأممية والدولية من خطورة هذا التشريع الذي ينتهك المواثيق والقوانين الأممية والدولية.