في ظل القصف والدمار، وفي مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي لا ترحم، يعيش أهل غزة واقعًا مريرًا يفرض عليهم نزوحًا قسريًا من مكان إلى آخر ومن خيمة إلى أخرى، بحثًا عن مأوى يقيهم من إجرام الكيان الغاصب، حيث تتعاقب الأزمات وتشتد المعاناة، ويتحول النزوح إلى سيرة يومية لمئات الآلاف من الأرواح التي تتشبث بالحياة رغم الجراح.
أمر “جيش” الكيان الغاصب أمس الإثنين، بإخلاء أحياء في خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة، لتجدد معه معاناة النزوح لآلاف العائلات الغزّية، النازحة من محافظتي غزّة وشمالها، والذين لا يجدون مكاناً آمناً للسكن في القطاع.
وهذا النزوح لم يكن الأول من نوعه، حيث شهدت منطقة شرقي غزة في الأيام الماضية، حركة نزوح كبيرة غادرها آلاف المدنيين بفعل القصف المتواصل، على أنحاء متفرقة.

وتضطر آلاف العائلات للنزوح لحماية من تبقّى من أطفالها، الذين يعانون سوء التغذية والأمراض المعدية، ما يفاقم معاناة النازحين الذين باتوا مهددين بالمبيت في العراء.
ولم يقتصر النزوح فقط على المدنيين عند هذا الحد بل أيضاً على الجرحى والمرضى في المستشفيات جراء القصف الصهيوني، وأيضاً على الأطفال والنساء الحوامل الذين يعانون من نقص في الرعاية الطبية اللازمة، بما في ذلك الفحوصات الدورية والرعاية أثناء الولادة، مما يزيد من مخاطر الولادة والمضاعفات الصحية.

في غزة، يقف الإنسان أمام حقيقة مرعبة، حيث يصبح النزوح علامة على تحدي الروح الفلسطينية للقهر، وبصمة على جبين الإنسانية التي تأبى أن تخضع.
يُرغمون الفلسطينيون على ترك بيوتهم، أحلامهم وذكرياتهم خلفهم، ليبحثوا عن ملاذ آمن وسط الفوضى والدمار.
ومع كل خطوة يخطونها في رحلتهم الشاقة، تعمق جراحهم، ويكبر الأمل في صدورهم بصمود يزداد رغم كل شيء.