نفذت جماعات الهيكل الناشطة في اقتحام المسجد الأقصى وتهويده، بمشاركة حاخامات، مجموعة من الطقوس -بعضها لأول مرة- بالقرب من أبواب الأقصى وعند جداره الغربي، تخللها إشعال شمعدانات وشرب خمور، وذلك خلال النشاطات المتواصلة في إطار “عيد الحانوكاة” التوراتي، الذي بدأ يوم أمس الإثنين، ويستمر حتى الإثنين بتاريخ 10 كانون أول/ديسمبر الجاري.

باب الأسباط، خلال إغلاقه وغياب الحرّاس عنه مساء الإثنين، كان هدفاً للمستوطنين في النشاطات التهويدية الجديدة، إذ احتسى هؤلاء الخمور ورقصوا وغنّوا للهيكل المزعوم، وأضاؤوا الشمعدان، وهو أهم طقوس “عيد الحانوكاة”. كما فعل حاخامات ومستوطنون آخرون الطقوس ذاتها في باب الحديد أيضاً. هذه التصرفات توصف بأنها سابقة في نشاطات التهويد، أن تُقام مثل هذه الطقوس عند هذين البابين من أبواب الأقصى، على بعد أمتارٍ من الحرم، وبين منازل المقدسيين من أبناء البلدة القديمة.

تكرّرت هذه الأفعال مرة أخرى في ثاني أيام العيد (الثلاثاء) لكن في ساحة البراق هذه المرة، إذ وُضِعَ شمعدانٌ ضخم على منصة بمحاذاة الجدار الغربي للمسجد، وأضاءه حاخاماتٌ بحضور عشرات المستوطنين، مع أداء صلوات تلمودية.

هذه النشاطات، واقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى، تجري كلها بترتيبٍ من عدة جماعات تهويدية تنشط في الترويج لهدم الأقصى إقامة الهيكل المزعوم، وهي “اتحاد منظمات الهيكل”، و”طلاب من أجل الهيكل”، و”نساء من أجل الهيكل”، وبرنامج “هليباه” التوراتي، وذلك بدعمٍ من أثرياء يهود، تولوا تمويل تقديم الأطعمة والمشروبات والحلويات للمستوطنين المشاركين في الاقتحامات.

وشارك 91 مستوطناً في اقتحام الأقصى خلال أول أيام العيد (الإثنين)، بقيادة عضو الكنيست الحاخام يهود غليك، فيما لم ترد معلومات مؤكدة عن أعداد المشاركين في الاقتحامات في اليوم الثاني (الثلاثاء)، إلا أن الباحث في شؤون القدس أحمد ياسين أشار إلى محاولة متقدمة في انتهاك حرمة الأقصى، تمثلت في محاولة المستوطن إيلي باراتز إدخال شمعدانات إلى الأقصى لإضاءاتها في ساحاته، إلا أن محاولته باءت بالفشل، فأدخل طعامًا ومشروبات، وتناولها داخل المسجد، فيما وثَّقت المستوطنة سارة ياشيدف ذلك بالصور.

يعلل الباحث ياسين، ما قام به باراتز وتصوير سارة لما فعله، بمحاولة تثبيت القيام بأي نشاط تهويدي جديد داخل الأقصى، على غرار ما حدث في “عيد العرش” الأخير، عندما أنشد المستوطن تومي نيساني نشيد دولة الاحتلال داخل المسجد، وتم توثيق ذلك بالفيديو وتداوله على نطاق واسع بين المستوطنين.

هذه الانتهاكات ليست منفصلة عن ما سبقها في الأعياد اليهودية السابقة، ولن تكون الأخيرة في إطار “عيد الحانوكاة” الذي سيستمر أسبوعاً آخر. لكن هذا العيد “هو الأكثر خطورة من حيث التهويد على الأقصى، والأكثر ارتباطاً بالهيكل المزعوم” كما يقول الباحث ياسين، فالعيد مرتبطٌ بما ذكره “سفر المكابيين الثاني” – الإصحاح العاشر في الأسطورة التوراتية، عند حديثه عن الثورة الشهيرة المعروفة بـ”ثورة المكابيين”، والتي استمرت ثلاث سنوات، وأسفرت بحسب زعم الأسطورة إلى تطهير المعبد من اليونان، فاحتفل بهذا النصر أبناء الشعب اليهودي بتدشين “معبدهم” من جديد.

ولذلك فإن الاحتفال بهذا العيد يأتي تخليدًا لهذه المناسبة، ومن هنا جاءت فكرة إشعال الشمعدانات خلال العيد، وقد دعت منظمات الهيكل، أعضاءها، إلى بذل الجهد من أجل إدخال الشمعدنات للأقصى وإضاءتها فيه، ولأداء الطقوس التلمودية داخله خلال الاقتحامات اليومية.