كلمة مفتي حلب الشيخ محمود عكام، خلال اللقاء الدولي مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع.

قال الله تعالى: ﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120)﴾ النساء.

لقد قيل في علم المنطق: (إنّ أشكلَ المشكلات توضيحُ الواضحات)، وها نحن نقول، وللمرة الألف: تطبيعُ غير الطبيعي مرفوضٌ عقلًا ودينًا وإنسانيًة؛ فما بالُهم لا يؤمنون، وفي تطبيعهم الأثيم سادرون، وعلامَ يُصرّون وأولو الرأي الحصيف السديدِ مِن قومهم وأهل دينهم ينكرون؟!

فهل يبغي المطبّعون تحريفَ السنن الإلهية الحاكمة، أم ماذا يريدون؟

فإن كانوا يخافون سطوة المعتدين المحتلين وداعميهم المستكبرين؛ فتعالَوا لنكونَ صفًا واحداً في مواجهتهم، وسنكون عليهم منَ المنتصرين بعون الله العظيم، ناصرِ الضعفاء على الطغاة الظالمين.

وإن كانوا يطبّعون مقتنعين بأدلةٍ تُسعفهم مِن دينهم أو عروبتهم أو إنسانيتهم؛ فإنَّا لِحوارهم جاهزون، ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24)﴾ سبأ.

لكنهم – وهكذا يبدو – كشفوا عمّا كانوا يُخفونه في صدورهم منذ زمن غير قريب؛ وشراكتهم مع الصهاينة جِدُّ قديمة، وكانت في السر، إذِ الجهرُ آنئذٍ وبالٌ عليهم أكيد.

لكننا – وهم المتكلمون – بعد أن اشترينا ضمائرَ مَن أرخصوا ضمائرهم، من أهل السياسة والاقتصاد والاجتماع والدِّين، شرقيين وغربيين؛ وأعددنا مقاتيلن مأجورين أسميناهم زوراً وبهتاناً “مجاهدين”؛ وأشَعْنَا فتنةَ الصراع المذهبي وأوقدناه وسعّرناها، وساعدَنا في ذلك الأمريكي والصهيوني؛ إذن فَلنُعلن ما أسرررنا وبكل جرأةٍ هي عين الوقاحة، وفعلنا فِعلتَنا فقولوا عنَّا الذي ترغبون، وصِفونا بأنَّنا طُبع على قلوبنا، فما نحن بتائبين!

هكذ تكلّموا وأصرُّوا على ما يقولون.

أما نحن، وأما أنا، فأناشد مِن هنا، مِن حلب الشهباء، أناشد العرب والمسلمين والمسيحيين الأخذَ على أيدي مَن يُطبّع لأنّه سفيهٌ، والسَّفيهُ – شرعًا وقانونًا – يُحجر عليه.

ولَنُسرعْ في اتخاذ هذا الموقف ابتغاءَ مرضاة الله عزَّ وجلَّ أولًا، وحمايةً وصيانةً لأجيالٍ قادمةٍ تقفُ على حافة الزمن، تنتظر ماذا نفعل، بعد أن حدثنا هذه الأجيال أكثرَ من سبعين عاماً عن محتل أثيمٍ أفَّاك اسمه “إسرائيل”!

فاللهمَّ إنَّا نَبرأ إليك منَ التطبيع الفظيع، ومن المطبّعين الذين لا يخافونك في أفعالهم ولا أقوالهم، ولا يقيمون حسابًا لشرعك فيما يفعلون، اللهم فأعِنَّا على مقاومة التطبيع بأسلوب يرضيك، وأعِنّا على مقاومة الظالمين ودحرهم، إنك على ما تشاء قدير.