أيّتها القادمة من أرض الأجداد، يا ابنةَ حجر القدس الكهل، يا حبيبة كل بيدرٍ وبستان، هل لنا ببعضٍ من عطر القمح والزيتون على سنّكِ المتعب، نستمدّ منه خشونةَ أصابع جدّنا؟ هل لنا بنظرةٍ إلى التشققات التي تملأكِ، لنقرأ تاريخكِ ونتصفّح عنكِ دروس الثورة وتكاليفها؟ نؤهّل بكِ فلن ترفضي تأهيلنا أليس كذلك؟؟ لأنكِ تعرفين أنكِ بين أيادٍ احتكمت لأمركِ، وانحنت أمامكِ مطيعةً لسيّدتها، أهلاً بكِ سيدةَ العصر، أهلاً بكِ أمَّ الثورة، يا أميرة الثائرين، جئتِ في زمنِ الجزرِ، صرخةَ ماضي الغضب في عروق حاضر القهر..

سألوني مَن التي أُكلّمها، فأجبتهم: هي ملتحمة المقاومين، وملتحفة طهر الطاهرين. هي صلاةُ العاشقين، العابدين لله من أرضِ غزة والضفة وجنين، هي آذان الأقصى وتكبيرة إحرام المقدسيين، هي رسالةُ فلسطين إلى كلِّ دولةٍ ودين، هي تصريح جبرائيل في قلوب الصابرين، ومفتاحُ جنان الخلدِ إلى أبدِ الآبدين. هي ضمّادٌ لجراحات الصائمين الذاكرين، وشوكةٌ مسننة في خاصرة السائبين. هي شهقةُ الدرّة وزفراتُ العياش وعزالدين. هي قَسَامُ كل بيتٍ وقسّامُ كل جبين، هي ابنةُ سيفِ الثمانية وأربعين، وشقيقة حجار السابع والثمانين والألفين. هي اليوم الحاكمة الحق. وددتُ لو أملأ ملايين الصفحات عن مجدها، عن نصرِها، عن ألَقِها في سماء المُكرّمين، وألِقِها في ميادين الغضب، لكنّ صبري لذكرها نفذ، وضاق صدري بكتمها، هي البطلة الأولى والأخيرة، هي قوّة المساكين، وثأر المساجين، وثورة الفلّاحين، وفارسةُ الزمن الحزين… هي السكّين.


حبيب عزّالدين| إعلامي لبناني